2025-05-16 05:31 م

جثث المستوطنين الثلاثة... الغموض والردود .. قراءة سريعة في تطورات الحدث وتداعياته

2014-07-01
القدس/المنــار/ عثر على جثث المستوطنين الثلاثة بعد حوالي ثلاثة اسابيع من التفتيش من جانب أجهزة الأمن والجيش الاسرائيلي، ترافقت مع تهديدات متصاعدة الحدة من المسؤولين الاسرائيليين على اختلاف مواقعهم في المؤسسات المدنية والعسكرية ، ورغم العثور على الجثث الثلاث الا أن الحدث نفسه ما زال يكتنفه الغموض من حيث التوقيت والتدبير والجهة المسؤولة والاهداف المبتغاة.
لكن، الحادث نفسه، ورغم كل ما سبق، منح اسرائيل فرصة للرد بأشكال مختلفة من اعتقال وقصف واجراءات أمنية واقتصادية ووسائل حصار ما زالت مستمرة ، بعيدا عن الغوص في طرق تبديد غموض الحادث المذكور، يضاف الى ذلك، كانت هناك العديد من الادعاءات والاتهامات تم استغلالها لدى المجتمع الدولي لفك عقد وسلاسل الانتقاد المتزايد لاسرائيل بسبب تعنت المواقف اتجاه العملية السلمية.
تم العثور على الجثث الثلاث، الا أن هوية الفاعل ما زالت مجهولة، وما يطرح من توجيه تهم وتحميل مسؤولية لم يثبت بعد، وبالتالي، الغموض باقٍ، والسيناريوهات تنهال دون اجابات شافية، والردود على هذه الفرصة اسرائيليا مستمرة، وفي الشارعين الفلسطيني والاسرائيلي، الشكوك والتساؤلات مطروحة. بانتظار ما يبدد حالة الغموض ، لعلها تحدد مرتكزات الردود ومواقف الجوار وساحة الحدث، والدول في الاقليم والعالم، والى حين اتضاح الحقائق والتفاصيل، يبقى التعليق على الحدث مقتصرا أو محصورا في سيناريوهات قد تصيب وقد تخيب.
استنادا الى وسائل الاعلام الاسرائيلي المرتبطة بشكل أو بآخر من حيث النشر والسياسات بأجهزة الدولة الأمنية والسياسية، فان المستوطنين الثلاثة قتلوا في نفس يوم اختفائهم ، بمعنى أن لا هدف آخر غير القتل لمن قام بالفعل، ولكن ، من هو الفاعل؟!!
ومن مجريات البحث والروايات وتوقيت ومكان العثور على الجثث الثلاث فان الفاعلين هم هواة، أو لأسباب ليست قومية، وبالتالي، تبقى الشكوك مضروبة حول الجهة المنفذة، كذلك، قد يكون "الخاطفون" مجرد خلية تشكلت حديثا لا ارتباطات لها أو خيوط ممتدة باتجاه هذا الفصيل أو تلك الجهة، وهذا ما يفسره عدم قدرة الفاعلين على اخفاء الثلاثة مستوطنين ، والبدء بعد ذلك بطرح المطالب، وربما أيضا أن الجهة العالمة بالأمر أو التي أصدرت التعليمات عادت "لأسباب" كثيرة الى التنصل من ذلك، ورفضها تحمل المسؤولية، خاصة وأن ردود الفعل قد تكون "ثقيلة" و "ماحقة"، مع الأخذ بالاعتبار الوضع الداخلي بشكل عام ، ووضعها هي بشكل خاص، مع عدم تجاهل أن امكانية اخفاء المستوطنين الثلاثة في الضفة الغربية أمر صعب وساحتها تختلف عن ساحة قطاع غزة، كما أن القدرة على نقلهم الى الخارج أمر في ظل مواقف الجوار والعلاقات المتشابكة وتاهب الحدود وحارسيها أمر صعبا للغاية، وهذا يقودنا الى القول بأن الحادثة تفتقر الى التخطيط الدقيق، وأقرب ما يكون الى عمل الهواة.
دوائر متابعة للاحداث في المنطقة ذكرت لـ (المنــار) أن قتل هؤلاء المستوطنين منذ اليوم الأول لاختفائهم حسب ما أوردته اسرائيل يزيد من غموض الحدث وتفسيراته وجوانبه المختلفة، لكن، الدوائر ذاتها، ترى في ذات الوقت بأن الجهة الخاطفة قد تكون أدركت خطورة الاحتفاظ بالمستوطنين الثلاثة لنيل مطالب ستطرح فيما بعد، فهي في هذه الحالة سيتم اكتشاف هوية المنفذين والمختطفين، وهذا ما دفعهم الى التخلص من المخطوفين، والابقاء على هوية الفاعلين مفتوحة على جميع الأبواب والاحتمالات.
وتقول الدوائر أن الغموض الذي يلف هذا الحادث، لا يبعد المتابعين عن احتمال أن تكون جهة اسرائيلية من العالم السفلي أو غيرها هي المنفذة، وهذا لم تطرح اسرائيل، لكن، الاحتمال ما زال واردا ويشكل أحد السيناريوهات المتداولة، خاصة وأن من عثر على الجثث ليست أجهزة الأمن والجيش، وانما شبيبة من اليهود يتجولون في جبال شمال الخليل قرب حلحول، وهذا السيناريو صدقه من عدمه قد يتضح في الأيام القادمة.

ردود الفعل

على مستوى ردود الفعل ، فان اسرائيل تقوم بذلك من اليوم الأول لاختفاء المستوطنين الثلاثة، وبالتالي، بعد اكتشاف الجثث والعثور عليها، فان أية ردود اضافية هي استكمال لما بدأته تل أبيب، وهي ردود في اتجاهات مختلفة ومتواصلة، لكنها، قد تتصاعد لأن في ذلك ارضاء للشارع الاسرائيلي وتحصينا للحكومة القائمة برئاسة نتنياهو، وفي ذات الوقت فرصة لتنفيذ سياسات وبرامج ومخططات كانت تنتظر الفرص للتطبيق فجاء حادث اختفاء المستوطنين، ثم العثور على جثتهم فرصة مواتية لاصحاب القرار في اسرائيل على المستويين العسكري والسياسي، فكلاهما يحمل نفسه النوايا والاهداف والتطلعات، مدروسة مع الظروف المحلية والاقليمية وتطورات الاحداث في منطقة الجوار، وكلها تعطي اسرائيل فرصة التصعيد الى حد تنفيذ عمليات عسكرية وتحديدا ضد قطاع غزة، علاوة على القصف الجوي والاغتيال والتدمير المتواصل بازدياد منذ حادث الاختفاء.
واسرائيل لن يقتصر ردها على قطاع غزة، وانما في الضفة الغربية أيضا وبأشكال مختلفة، وقد تقدم على خطوات أحادية الجانب لها تداعياتها وامتداداتها الخطيرة، والأخطر أن تشارك بشكل أو بآخر في مخطط فوضى وفلتان يستهدف السلطة الفلسطينية وقيادتها، مستغلة التغير في لهجة الانتقاد الدولي للسياسات الاسرائيلية.
وكل هذه الاحتمالات خاصة المتعلقة بقطاع غزة تترافق مع علاقات غير مريحة تربط المسيطرين في القطاع والجوار، وهذه نقطة في صالح اسرائيل اذا ما قررت شن عدوان واسع على قطاع غزة.
ومهما كانت السيناريوهات وردود الافعال الاسرائيلية على حادث الاختفاء والعثور على الجثث الثلاث، فان تل أبيب ستضرب في كل الاتجاهات لخلط الاوراق، وتحقيق النجاحات على كل الاصعدة، وهنا، ماذا سيتبقى من خطوات المصالحة في الساحة الفلسطينية، وماذا عن ردود فعل دول الجوار؟!