العدوان الاسرائيلي لم يحقق أغراضه وأهدافه، وقادة العدوان قاموا بتخفيض سقف هذه الأهداف، خلال تصريحاتهم ولقاءاتهم مع التجمعات السكانية في الجنوب الذين يخشون العودة الى منازلهم، المقاومة الفلسطينية صمدت وردت على العدوان، والفصائل المسلحة عاشت في أعلى درجات التنسيق في الميدان، وأهالي القطاع استمروا حاضنة متماسكة للمقاومة، رغم الألم والمعاناة وحجم الضحايا والتدمير الذي طال كل شيء.
وأمر آخر، يحسب لشعبنا، ومن ثمرات الصمود الفلسطيني، وهو الموقف الموحد الذي حمله الوفد الفلسطيني الى القاهرة، وشكل أحد أهم العوامل التي دفعت مصر للتعاطي مع هذا الموقف والقبول به، والتعهد بالالتزام به وحمل اسرائيل على قبوله، حيث سيكون هناك وفد اسرائيلي في القاهرة، لتبدأ مرحلة التفاوض وصولا الى "تهدئة طويلة"، تحقق خلالها المقاومة الأهداف التي تضمنها الموقف الفلسطيني، وهذا ما أدركته القاهرة، فلا يمكن الاكتفاء بوقف للنار وتهدئة كسابقاتها، لا تغلق الأبواب نهائيا أمام الاعتداءات والانتهاكات الاسرائيلية، لذلك، عملية التفاوض ستكون شاقة مع عدو يريد تحقيق نصر عبر السياسة لم يستطع تحقيقه في الميدان العسكري، وهذا يعني، بأن المرحلة القادمة حرجة، ومعروف عن اسرائيل تعنتها وخرقها للاتفاقيات والعهود، لكن، مصادر مقربة من الوفد الفلسطيني في القاهرة أكدت لـ (المنــــار) أن الدعم اللامحدود الذي تتلقاه اسرائيل من الولايات المتحدة، والتنسيق بمستوياته ودرجاته بين تل أبيب وعواصم في المنطقة لن يحول دون تمسك الوفد الفلسطيني بمطالبه، فالمقاومة حققت التفافا شعبيا من حولها، كان واضحها في موقف فصائل منظمة التحرير التي تبنت مطالب المقاومة التي قادتها في الميدان في مواجهة العدوان حركتي حماس والجهاد الاسلامي.
المصادر أضافت لـ (المنــار) أن الواقع اليوم يختلف عنه في مراحل سابقة، وحروب خاضتها المقاومة ضد العدوانية الاسرائيلية، فالمقاومة منتصرة متماسكة، ما زالت محافظة على سلاحها الذي لن تتنازل عنه في اية مراحل تفاوضية، والوسطاء أدركوا ذلك جيدا، وبالتالي، لن تسمح المقاومة بمناقشة هذه المسألة.
ويرى المراقبون أن الأيام القليلة القادمة، ستحدد مصير الهدنة المتخذة، نحو تهدئة تستكمل عناصرها، أم عودة الى الميدان، وفي حال نجحت جهود الوساطة وجولات التفاوض في العاصمة المصرية، فان واقعا جديدا سينشأ، قد يهيء لجهود جادة نحو تحقيق حلول للصراع الفلسطيني الاسرائيلي، خاصة في ضوء مطالبة، العديد من الشعوب في الساحة الدولية بانسحاب ودحر الاحتلال من الاراضي الفلسطينية.
ويضيف المراقبون، أن اسرائيل التي فشلت في ترميم قوة ردعها، طبيعي أنها استخلصت العبر والدروس وأن لا قدرة لديها على الاستمرار في تعنتها وأن على قيادات اسرائيل ادراك ذلك، والامتثال لقطاعات واسعة داخل الساحة الاسرائيلية لم تعد تريد تهدئة، وانما حلولا شاملة، يبعد عنها شبح الحوف والدمار الاقتصادي، في القاهرة تبدأ جولات التفاوض، والمقاومة من خلال الوفد الفلسطيني الموحد ممسكة بمطالبها، ترفض أن تضيع دماء الشهداء والجرحى سدى، لذلك، لا نعتقد أن أية تحالفات تشكلت أو مصالح عدة جهات تجمعت ستكون قادرة على منع الجانب الفلسطيني من الحصول على مطالبه، وهي مطالب عادلة، يحاول الاحتلال سرقتها، يضاف الى ذلك، عودة الاهتمام الاقليمي والدولي بالقضية الفلسطينية وهذا من شأنه أن يكون عاملا يصب في صالح الفلسطينيين.
مراقبون ومحللون يعتقدون أن اسرائيل ستلجأ الى أصدقاء وحلفاء لها في المنطقة، لمساعدتها والوقوف الى جانبها لانتزاع مكاسب تعوض خسائرها في الميدان، وتغطي على هزيمتها وعجزها أمام المقاومة، وهنا، يقول المراقبون، ستتضح الصورة كاملة، وتتضح المواقف الحقيقية لبعض الدول في المنطقة، وهذا سيحدد إمكانية نجاح أو فشل المفاوضات، وصمود الهدنة، أو سهولة الطريق الى تحقيق تهدئة لا تسقط أمام أي تطور.