2024-11-29 01:41 ص

انسحاب "ساعر" من الحياة السياسية في اسرائيل تمهيد لعودة قوية لخوض الانتخابات بعيدا عن الليكود

2014-09-21
كتب محرر الشؤون الاسرائيلية
شكل الاعلان المفاجىء للقيادي البارز في حزب الليكود ووزير الداخلية الاسرائيلي جدعون ساعر عن انسحابه من الحياة السياسية ، مفاجأة حقيقية للعديد من المراقبين والمحللين لشؤون الساحة الاسرائيلية، وهناك العديد من التفسيرات والتكهنات لهذه الخطوة غير المتوقعة التي قام بها ساعر. ولكن قبل الخوض في محاولة تفسير أسباب ودوافع القيادي في الليكود جدعون ساعر بالانسحاب من الحياة السياسية والاستقالة من الكنيست ومن الفريق الوزاري الذي يرأسه نتنياهو، يجب الاشارة أن ساعر يعتبر من القيادات البارزة في حزب الليكود ومن الشخصيات الليكودية التي تتمتع بشعبية كبيرة داخل الحزب، حتى أنه في الانتخابات الداخلية الاخيرة في الليكود "البرايمرز" حصل على المرتبة الثانية بعد بنيامين نتنياهو، مما يؤكد على الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها في صفوف مناصري الحزب، ودخل ساعر أكثر من مرة في مواجهات بعضها علنية والاخرى داخل الغرف المغلقة مع زعيم الحزب ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ، كان اخرها على خلفية اختيار رئيس للدولة، حيث رفض ساعر محاولات نتنياهو تعطيل تلك الانتخابات في محاولة للحيلولة دون السماح بوصول احد خصومه داخل الليكود، وهو رئوفان ريفلين الى كرسي رئاسة الدولة، وهو ما لم يتحقق ، حيث قاد ساعر الحملة الانتخابية لريفلين وساهم في حشد الاصوات لمصلحته وواجه نتنياهو بقوة مما دفع الاخير الى الاعلان وبشكل خجول عن دعمه ودعم الليكود لرئوفان ريفلين لرئاسة الدولة، و كان لجهود ساعر الفضل الاكبر والابرز في دخول ريفيلين الى مقر رؤساء اسرائيل. ومما يؤكد على المكانة البارزة لهذا القيادي داخل الليكود هو حقيقة حصوله على حقائب وزارية مميزة، فقبل توليه وزارة الداخلية ، كان جدعون ساعر وزيرا للتعليم في الحكومة السابقة التي ترأسها نتنياهو، لكن على الرغم من حالة التشابك والاحتكاك التي ميزت العلاقة بين ساعر ونتنياهو ، الا أن ساعر لا يشكل تهديدا حقيقيا لمكانة نتنياهو في رئاسة الحزب، فلا منافس لنتنياهو داخل الليكود ما دام الاخير متمسكا بخوض المنافسة على رئاسة الحزب.
أما بالنسبة للدوافع والاسباب، فرغم كثرة التفسيرات والتأويلات الى أن هناك ما يجمع عليه جميع المحللين في الساحة الاسرائيلية خاصة اولئك المختصين بالشؤون الحزبية، وهو أن انسحاب جدعون ساعر من الليكود واعلانه عن انسحابه المؤقت من الحياة السياسية، هو تمهيد لعودة أكثر قوة في اطار تنافسي جديد بعيدا عن الليكود قد يؤثر بصورة سلبية على الاصوات التي قد يحصل عليها الحزب في اية انتخابات نيابية قادمة، وايضا يشكل هذا الانسحاب اشارة واضحة وحقيقية الى أن رائحة الانتخابات المبكرة باتت قوية للغاية وتفرض حدوث "بعثرة الاوراق" التي بدأنا نشهدها سواء داخل الاحزاب نفسها أو بين المتنافسين في داخل المربعات التي ينتمون اليها على الخارطة الحزبية. كما ان انسحاب جدعون ساعر وهو في قمة عطائه السياسي وشعبيته داخل الليكود، يعيد الى الذاكرة انسحاب احد قيادات الليكود البارزة قبل عدة سنوات وهو موشيه كحلون، الذي كان يشغل منصب وزير الاتصالات، وانسحب من الحياة السياسية، وكثر الحديث بعد انسحابه من الليكود عن انه يستعد لتشكيل حزب جديد يخوض من خلاله المنافسة في الانتخابات البرلمانية. 
وفي هذا السياق، لا تستبعد دوائر مطلعة على ما يجري في كواليس الاحزاب الاسرائيلية، أن تنشأ أطر وقوائم واحزاب جديدة تخوض الانتخابات النيابية القادمة ، تضم في صفوفها شخصيات من أحزاب مختلفة بما فيها الليكود، وهذه الظاهرة في حال تحققها ، كما يجزم البعض، ستشكل ضربة قوية للاحزاب الكبيرة يمين الوسط ويسار الوسط، والتنافس سيكون أكثر شراسة. لكن هذه الاحزاب التي ستركز بالتأكيد على امور جامعة وشاملة ، كالوضع الاقتصادي والبحث عن حلول له وايضا حلول للامراض الاجتماعية التي يعاني منها المجتمع الاسرائيلي، ستمس بالاحزاب القائمة، ولهذا السبب  سيسعى اركان الائتلاف الى منع انهيار الحكومة، فلا احد يرغب بالدخول في سباق انتخابي مبكر لخشيته من أن تنتقل اصوات المؤيدين والداعمين الى تلك النجوم الجديدة الصاعدة.