اعتبرت قراءات إسرائيلية عديدة، أن اللقاء الذي جمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب برئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كان اللقاء الأسوأ بالنسبة للأخير، وكان مُهيناً وفاجأه خاصة على مستوى الملف الإيراني، فضلاً عن عودته بخفَيْ حُنين وفشله في التأثير على ترامب.
في صحيفة معاريف، اعتبرت مراسلة ومحللة الشؤون السياسية آنا برسكي، أن ترامب أحرج نتنياهو في بث مباشر، وأن ما طمح إليه نتنياهو في الزيارة تحطّم على أرض الواقع، ومع هذا ترى أن نتنياهو لن يحتاج الكثير من الوقت من أجل إعطاء تفسيراته لما حدث وتحويل الإحراج إلى إنجاز أو التخفيف منه، لكنّ الانطباع الأولي والأصلي من التصريحات سيكون من الصعب تهميشه، ويتلخّص في كلمة واحدة وهي "مفاجأة"، وبثلاثِ كلمات "مفاجأة تقترب من الإذلال".
ولفتت برسكي إلى أنه فيما كان العنوان الرسمي لهذه الزيارة السريعة من نتنياهو إلى البيت الأبيض، محاولة إقناع ترامب بتخفيض مستوى الجمارك التي فرضها على إسرائيل، تبيّن فعلياً أن الجمارك ليست الأمر الأساسي وإنما المفاوضات المباشرة بين واشنطن وطهران، و"حقيقة أن الرئيس الأميركي يواصل إيمانه بالمسار الدبلوماسي أمام إيران، يثير قلق نتنياهو، الذي لم يتمكّن حتى الآن من إقناع ترامب بأن الدبلوماسية لن تساعد، وستمنح إيران وقتاً ومساحة للمناورة".
ولفتت إلى أن تصريحات ترامب تعبّر عن أنه لم يقتنع بادعاءات نتنياهو خلال اجتماعهما، وقبل خروجهما إلى الإعلام في بث المباشر، وأنّه حضّر مفاجأة للضيف الإسرائيلي، الذي طلب أن يكون نموذجاً لدول أخرى ستصل بعده للتوصل إلى تفاهمات مع الأميركيين بشأن الجمارك، لكن كل ما يصبو إليه نتنياهو، والتقديرات والإحاطات التي نُقلت إلى الصحافيين من مسؤولين إسرائيليين، تحدّثوا عن النصر السريع وعن أن نتنياهو سيحصّل من ترامب تخفيضاً كبيراً في الجمارك، وربما يتمكّن من إلغائها، تحطّمت على أرض الواقع.
من جانبه، وصف الكاتب الصحافي في صحيفة يديعوت أحرونوت، نداف إيال المشهد، بأنه "في لحظة محددة في المكتب البيضاوي الليلة الماضية، ابتلع نتنياهو ريقه، وألقى نظرة سريعة إلى اليمين واليسار، وتحرّكت عيناه بسرعة، وعبس، ثم خفض رأسه. كان ذلك في الوقت الذي قال فيه الرئيس ترامب إن الولايات المتحدة تجري محادثات مباشرة مع إيران".
وأوضح الكاتب أن نتنياهو، لم يكن الوحيد الذي تفاجأ بالتصريح العلني حول هذا الأمر، بل لم يكن بعض الأميركيين يعلمون أيضاً أن الرئيس سيعلن ذلك للعالم بحضور رئيس الحكومة الإسرائيلية، كما لم يعلم الوفد الإسرائيلي قبل الزيارة، أن "المفاوضات الأميركية الإيرانية سوف تصبح علنية، ورئاسية، وذات أهمية قصوى ومباشرة، وكل هذا أثناء وجود نتنياهو في المكتب البيضاوي". ويعتقد إيال أنهم في إسرائيل، "يجدون العزاء في إنجاز واحد في هذا السياق" وهو التهديد الصريح الذي وجهه ترامب ضد إيران إذا فشلت المفاوضات"، وأنها ستكون "في خطر كبير".
أما المنطقة الرئيسية التي حصل فيها نتنياهو على ما يريد بالضبط، برأي الكاتب، فهي قطاع غزة، من خلال "دعم كامل لأفعال إسرائيل، ورؤيتها بشأن الهجرة، وإطراء حار إزاء نتنياهو على أدائه في الحرب ومحاولته إخراج المختطفين (المحتجزين) من غزة".
الصحافي والكاتب في موقع والّاه، براك رافيد رأى أن نتنياهو عاد من البيت الأبيض خالي الوفاض، ومع مفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران، واعتبر الكاتب أن هذا اللقاء كان ربما الأفشل على الإطلاق بالنسبة لنتنياهو مع ترامب، وأنه وجد نفسه في وضع لم يتوقعه.
ووصف الكاتب المشهد بلعبة بيسبول رمى فيها ترامب عدداً من الكرات التي تدور حول قضايا سياسية، وأمنية، واقتصادية مصيرية بالنسبة لإسرائيل، وفشل نتنياهو مرة تلو الأخرى في التصدي لها. واعتبر أن نتنياهو جلس أمام الكاميرات، وابتسم وامتص الضربات بهدوء، وأن الوضعية كانت مخجلة وحتى مهينة بالنسبة له، وعكست ضعفه السياسي وصعوبة تأثيره على سياسات ترامب، كما عكست اعتماده الكامل على الرئيس الأميركي.
وتابع رافيد أن نتنياهو أمل بالعودة من واشنطن بإنجاز على نحو إلغاء الجمارك أو تقليصها، لكنه خرج من البيت الأبيض بلا شيء، وأكثر من هذا أوضح ترامب أن إسرائيل تحصل على مساعدات (عسكرية) بقيمة أربعة ملايين شيكل، ولفت الكاتب إلى أنه خلال اللقاء مع ترامب، عبّر نتنياهو عن قلقه الكبير إزاء التحركات التركية في سورية وطلب من الرئيس الأميركي الضغط على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وهنا أيضاً لم يتمكن نتنياهو من التأثير، كما تحدّث ترامب أمام الكاميرات، عن حبه لأردوغان وعلاقته الرائعة به، موضحاً لنتنياهو: "إن كانت تواجهك مشكلة مع تركيا، فإني سأتمكّن من حلها طالما أنك تتصرف بمنطق، عليك أن تتصرف بمنطق"، وخلص الكاتب إلى أنه حتى بعد اللقاء، لم يتضح كلياً إلى ماذا كان يهدف، وهو ما يعكس فشلاً مطلقاً لإسرائيل، في حال لم تتبين تفاصيل إضافية في الأيام القريبة.
عن العربي الجديد