كتب رياض الرهيف*
ضرب الإرهاب في الأسبوع الماضي فرنسا في عقر دارها فأصاب جريدة عنصرية أعماها التعصب حتى صارت لا ترى في الإسلام السمح إلا نسخته المشوهة وحاولت تعميمها على جميع المسلمين.
التطرف من الجانبين كانت نتيجته وخيمة لفتت إليها أنظار العالم وأثارت ردات فعل كثيرة جمعت المتناقضات وما يتوسطها؛ في العالم العربي هناك من أبدى شماتته معتبرا أن حادثة شارلي إيبدو هي انتصار للمسلمين وعقاب مستحق لمن أساء للرسول الكريم، وهناك من اعتبر أن ما حصل نتيجة طبيعية لسياسات فرنسا المعادية للمسلمين، فيما اعتبر شق آخر أن الإرهاب الذي دعمته فرنسا بدأ يرتد عليها وأن "من يبذر الشوك يجني الجراح". وينضاف إلى هؤلاء "الشامتين" جماعة "أنا شارلي" المكونة من أناس عشقوا تقليد الغرب حتى في تطرفه ضدهم، فشكلوا نسخة مقلدة ومبتذلة من أحد أنواع التطرف الغربي التي تقزز منها الغربيون قبل غيرهم لما تتضمنه من معاني المذلة والهوان والقصور الفكري والفراغ الروحي والانبتات. فيما انتبهت قلة فقط من المسلمين إلى نقطة في غاية من الأهمية والحساسية تتمثل في ما باتت تشكله الجماعات التكفيرية من خطورة على الإسلام كدين محبة ورحمة بما هي تهديد كبير للإسلام تتجاوز فاعليته العداء الغربي للدين الإسلامي الحنيف. أما الغربيون فقد انقسموا بدورهم إلى شق استغل هذه الحادثة ليبدي ما في داخله من حقد على المسلمين وآخر أكثر عقلانية ميز بين المسلمين والإرهابيين، وسارت الحكومة الفرنسية خاصة والحكومات الأوروبية عامة في ركب الشق الثاني حفاظا على وحدة بلدانها واستقرارها وساعدها في خلق أجواء التهدئة أغلب القادة السياسيين هناك والإعلام الغربي الذي لم يسمح للإرهاب باستغلاله لبث الذعر والتفرقة بين المواطنين على عكس أغلب وسائل الإعلام العربية التي سرعان ما تقع في هذا الشراك.
إن الدرس الذي من المفترض أن يستوعبه العالم من مجزرة شارلي إيبدو رغم كل ما قيل ويقال هو أن التطرف سواء كان شرقيا أو غربيا لا يولد إلا تطرفا وجرائما لا تفرق بين مذنب وبريء. أما الخطوات التي يجب أن يبادر إليها العرب والمسلمون فهي كثيرة لعل أبرزها مراجعة قيمة النفس البشرية في الوطن العربي التي تقتل بالعشرات يوميا ويمر عليها العالم والعرب أنفسهم مرور الكرام على عكس ما حضي به ضحايا هجوم باريس من اهتمام ويذكر على سبيل المثال لا الحصر أن جل وسائل الإعلام العربية قد ركزت تغطيتها على حادثة شارلي ايبدو وأهملت المجزرة التي وقعت في اليمن في نفس اليوم وذهب ضحيتها عشرات من اليمنيين. كما يجدر بالمسلمين أن يتوحدوا لمجابهة الإرهاب الذي تضرروا منه أكثر من غيرهم فضلا عن الوعي بالهجمة الشرسة التي تشن على الإسلام تحت مسميات عديدة وخاصة الهجمة التي تشنها الجماعات التكفيرية باعتبارها تشن حربا على الدين باسم الدين.*صحفي تونسي ونائب رئيس تحرير جريدة الصحوة التونسية