2025-05-14 05:04 م

على غرار ماحصل بعد أحداث 11أيلول...هل ستقع فرنسا في فخ واشنطن بعد العملية الإرهابية في باريس؟

2015-01-12
تحسين الحلبي

يبدو أن العملية الإرهابية التي استهدفت مجلة (شارلي ايبدو) الفرنسية الساخرة وجميع طاقم المحررين في قلب باريس وفي وضح النهار بدأت تحمل بشكل موضوعي بعض القواسم المشتركة مع العملية الإرهابية التي نفذها نفس المنتمين إلى مجموعات القاعدة في نيويورك في 11/9/2001 رغم الفرق الشاسع والكبير جداً في عدد الضحايا والدمار الذي خلفه استهداف البرجين في نيويورك، ومن هذه القواسم المشتركة:
أولاً: أن المنفذين من نفس مدرسة مجموعات القاعدة والإسلاميين المتشددين،

ثانياً: أن توقيت العمليتين وقع في وضح النهار،

ثالثاً: أن مصورين التقطوا من أبنية مرتفعة ما توفر لهم من صور (فيديو) واضحة تبرز أبشع صور الإرهاب في العمليتين،

رابعاً: أن المكان الذي استهدفته العمليتان هو رمز بناء حضاري (الأبراج) وقتل المدنيين العزل فيه دون تمييز ورمز صحفي وقتل المحررين الصحفيين العزل فيه دون تمييز،

خامساً: استخدام نفس شعارات (الله أكبر) في العمليتين سواء من الانتحاريين أثناء عملية خطف الطائرتين الأميركتين في نيويورك أو عملية باريس التي ظهر ذلك فيها واضحاً بعد فرار المنفذين،

سادساً: إعلان مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي أن أحد المشتركين الإسلاميين في تفجير نيويورك يتعاون مع المحققين وزعم أنه كان عميلاً مزدوجاً وتأخر في إبلاغ المخابرات الأميركية وفي باريس جرى الإعلان في نفس يوم العملية عن تسليم أحد المتواطئين في العملية نفسه للمخابرات الفرنسية لتظهر بعد ذلك الصور والمعلومات عن المنفذين.

وإذا كانت العملية الإرهابية في نيويورك قد تولد عنها غزو أفغانستان وإعلان ساعة الصفر لشن حرب واسعة في المنطقة تلاها احتلال العراق باسم «الحرب على الإرهاب» بمشاركة أكثر من ستين دولة غربية بعد استخدام بوش لهذه العملية واستغلاله لها شر استغلال حتى هذه اللحظة بعنوان أميركي فإن العملية الإرهابية في باريس قبل يومين قابلة للاستخدام إذا رغبت الحكومة الفرنسية في استخدامها لنفس الأهداف الأميريكية.

وهذا الافتراض يتوافق مع التوقيت الذي جرت فيه هذه العملية ومع طبيعية التأجيج الإعلامي و(في السوفت باور) الذي يرافقها والذي رافق التأجيج الأمريكي (في السوفت باور الأمريكي) فباريس تعد في العالم الغربي رمزاً لحرية الثقافة والكلمة وهي أول عاصمة رفعت شعار «حرية إخاء مساواة» في عام 1789 يوم الثورة الفرنسية وإن اختيار مكان العملية الإرهابية وبغض النظر عن تطرف مجلة (شارلي) كمقر لصحيفة يقال إنها تعبر عن حرية الكلمة يجري الآن استخدامه من وسائل الإعلام الأميركية بالذات لتأجيج الفرنسيين ونقل سياستهم إلى التطابق مع السياسة الأميركية فقد بدأت شعارات «القوة الناعمة» تنتشر داعية «إلى حماية حرية الكلمة» و«حرية التعبير» وتنذر من الخطر الداهم الذي يحدق بها مثلما بدأت شعارات بوش 11/9/2001 عن «حماية الديمقراطية والعالم الحر» ثم «نشر الديمقراطية في أفغانستان والعراق»..

وفي هذا التوقيت وظروفه لاحظت إدارة أوباما أن الرئيس الفرنسي وحكومته يتبعان سياسة مترددة وشبه متراجعة عن التوافق مع السياسة الأميركية التي تستهدف روسيا في أزمة أوكرانيا وأن «هولاند» قد يلتزم مع بوتين في اتفاقية تسليم روسيا حاملة طائرات بنتها فرنسا لموسكو إضافة إلى بوارج حربية فرنسية ستسلمها فرنسا لموسكو ضمن عقد بمليارات الدولارات وظهر للإدارة الأميركية أن فرنسا وألمانيا تميلان إلى اتخاذ سياسة الحل الوسط مع موسكو لا ترغبان بسياسة التصعيد الأميركية ضد روسيا أو في منطقة الشرق الأوسط وتدرك إدارة أوباما أن التأجيج المكثف الذي توفره هذه العملية يجب أن يؤدي إلى شق طريق واسع للقيادة الفرنسية للسير نحو تصعيد تدخل فرنسا العسكري وزيادة توريطها وتورطها في التدخل الأميركي وعدم اتخاذ سياسة بديلة.

فمن الواضح لجميع الدول الغربية الكبرى المتحالفة مع واشنطن أن إدارة أوباما لديها أصابع متغلغلة داخل الأوساط القيادية في منظمات ومجموعات «القاعدة» و«النصرة» وما يشبههما.. وبالمقابل كانت وسائل «القوة الناعمة الإسرائيلية» وباللغة الفرنسية والإنكليزية في مقدمة من عمل على تأجيج الفرنسيين بعد هذه العملية وتحريضهم على المسلمين الفرنسيين على غرار ما نفذه بوش من سياسة التحريض الداخلية الأميركية لتبرير غزواته في الشرق الأوسط، لكن السؤال المطروح بعد تصفية الإرهابيين في باريس هل تحمل الإشارة لاتهام فرع القاعدة باليمن بالمسؤولية توجيهاً أميركياً لشن حملة مخططة ضد اليمن؟

"سوريا الان"