العلاقة الفلسطينية الاسرائيلية ستدفع أية حكومة قادمة الى البحث عن وسائل وطرق وأساليب مختلفة لمنع حالة الركود وانهائها التي تلف ملف المفاوضات ، خاصة وأن اسرائيل باتت تدرك أن مياه المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية الراكدة تساعد على إتخاذ الكثير من الخطوات الفلسطينية الضارة لاسرائيل.
ـ الحراك ما بعد الانتخابـات ـ
ورغم أن تصريحات بعض الوزراء الاسرائيليين في الفترة الأخيرة بشأن العلاقة مع الفلسطينيين، والبحث عن حلول ، هي تصريحات نابعة من الأجواء الانتخاية التي تعيشها اسرائيل، الا أن ذلك لا يعني أن المرحلة المقبلة، ما بعد الانتخابات لن تشهد حراكا حقيقيا في هذا الملف، لكن هذا الحراك الحقيقي لا يعني الخروج من الدوران في حلقة مفرغة في قاعة المفاوضات، وسواء نجح معسكر اليسار أو شكل اليمين الحكومة القادمة، فان ملف الصراع الفلسطيني الاسرائيلي سوف يشهد نوعا من الحراك.
ـ تجاوز القيادة الفلسطينية والحوار مع محور الاعتدال العربي ـ
والسؤال الذي يطرح نفسه، هو: هل هناك اجماع في اسرائيل على ضرورة تجاوز القيادة الفلسطينية والعمل على ادارة حوارات واتصالات مع القوى الاقليمية المعتدلة للبحث عن آلية معقولة تنهي الحالة القائمة، أم أن هناك امكانية للبحث عن حلول مع القيادة الفلسطينية الحالية.
ما يدور وراء الكواليس وفي الغرف المغلقة وخلال اللقاءات التي يجريها أركان السياسة في اسرائيل من اليسار واليمين مع دبلوماسيين غربيين ومع مسؤولين في الادارة الأمريكية ، يؤكد أن هناك شبه إجماع في اليسار واليمين على أهمية ادارة الحوار مع الأطراف العربية المعتدلة، والاتفاق معها على شكل معقول من أشكال الحلول يمكن أن يفرض على الجانب الفلسطيني، ومن بين أركان السياسة الاسرائيلية الذي راح يدعو في الآونة الأخيرة الى استغلال واستثمار ما يجري في المحيط الاقليمي والركوب على "جواد" الفرص القائمة للاتفاق مع القوى الاقليمية على آلية حل الصراع مع الفلسطينيين، ومن بين هؤلاء افيغدور ليبرمان زعيم حزب اسرائيل بيتنا الذي يحاول الظهور بمظهر مختلف عما ظهر به طوال السنوات الماضية، واذا ما استبعدنا الدوافع الحزبية والمصالح الضيقة في طروحاته بشأن الموضوع الفلسطيني، فان ما يدعو اليه ليبرمان لا يختلف كثيرا عن دعوات كان أطلقها بنيامين نتنياهو في مناسبات عديدة في الأشهر الماضية، وتحدث خلالها عن محور الاعتدال العربي، وليبرمان مثله كمثل نتنياهو وقيادات معسكر اليسار يدرك جيدا المخاطر التي تواجهها اسرائيل جراء حالة الجمود في عملية السلام، وكيف تنعكس هذه الحالة على العلاقة بين اسرائيل والدول الاوروبية.
ـ شكل التحرك السياسي بعد الانتخابات الاسرائيلية ـ
لكن، أي شكل من الاشكال سيتخذه التحرك السياسي الاسرائيلي بعد الانتخابات، وهل سيتم الاعتماد على مبادرات قائمة والعمل على تعديلها و "تهذيبها"، كي تستطيع اسرائيل التعامل والتعاطي معها، أن أن هناك ضرورة لأن تطرح اسرائيل مبادرة سياسية تحتفظ فيها بالاشتراطات الأمنية، ثم محاولة تسويقها، وهذا لا ينفي امكانية الاستعانة بطروحات قادمة من الجانب العربي، وعلى سبيل المثال، مبادرة السلام العربية، شريطة أن يتم الاتفاق على الخروج بصيغة معدلة تأخذ في الحسبان التغييرات والتبدلات التي حصلت منذ أن تم طرحها من جانب السعودية.
ـ القلق الاسرائيلي من تعاظم العزلة الدولية ـ
دوائر دبلوماسية اسرائيلية ترى أن هناك فرصا كبيرة لتعاظم العزلة التي تواجهها اسرائيل في حال لم يحدث حراك ايجابي في ملف عملية السلام مع الفلسطينيين، كما أن الخطوات الفلسطينية الأخيرة الناجمة عن انعدام الافق السياسي تشكل خطرا وتؤثر سلبا على اسرائيل في الساحة الأوروبية، وباعتراف دوائر أوروبية أيضا.
وهناك جهات في اسرائيل ترى امكانية الزج بمبادرات أحادية الجانب والتشاور بشأنها سرا مع الادارة الأمريكية وأطراف عريية معتدلة، وتتكفل بتنفيذها على الأرض اذا ما تبين استحالة تجاوز ما تسميه دوائر اسرائيلية بالتعنت الفلسطيني، وبدون أدوات عربية مساعدة، أي اتخاذ خطوات الهدف منها، ليس الموضوع الفلسطيني، وانما ترميم العلاقة الاسرائيلية الاوروبية، وتحسين صورة اسرائيل لدى الرأي العام الاوروبي.