ترابط الملف النووي الإيراني و الملف السوري في عيون الدول الغربية و اللوبي اليهودي في هذه الدول يدفع مكاينة الإعلام الغربي للعمل على التشويش عليهما معاً، فمرحلة جديدة من الدعاية الإعلامية السلبية بدأت على ما يبدو متجهة نحو تعطيل العمل السياسي في كل الملفين معاً من خلال توجيه الإتهام إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية بأنها تدعم سوريا نووياً، وهذا يشكل في الوقت ذاته محاولة لـ «ضرب عصفورين بـ حجر واحد».
صحيفة دير شبيغل الألمانية نشرت مقالاً تدعي فيه إن «سوريا تقوم حاليا ببناء مفاعل نووي سري تحت الأرض بهدف إنتاج وتطوير أسلحة نووية»، مشيفة إنها استقت معلوماتها من «مصادر استخبارية تشير إلى وجود المفاعل في منطقة جبلية معزولة غرب سوريا على مسافة 2 كلم من الحدود مع لبنان قرب بلدة "القصير" السورية».
ما تذكره المجلة الألمانية يمكن أن ينفذ في ظروف غير التي تمر بها سوريا، هذا من جهة، و من جهة أخرى تصب هذه الإدعاءات في خانة ما صرّح به في وقت سابق رئيس حكومة الإحتلال الإسرائيلي بأنه سيعمل ما بجهده لعدم توصل المجموعة الدولية إلى اتفاق ينهي أزمة الملف النووي الإيراني، و من ناحية التوقيت يأتي ما ذكرته الأسبوعية الألمانية كمحاولة لعرقلة جولة المفاوضات التي من المقرر أن تعقد في الثامن عشر من الشهر الجاري، على أن يسبقها لقاء بين وزيري خارجي إيران و أمريكا في مدينة جنيف السويسرية، ومحاولة ربط الملف النووي بسوريا في وقت يكثر فيه الحديث عن لقاء موسكو1، ومبادرة دي مستورا، و احتمالات العودة إلى جنيف من عدمها، ليعقد الأمور قدر المستطاع، ليسقط مؤتمر موسكو قبل بدايته من خلال فض المجتمع الدولي من حوله وترك روسيا و إيران منفردتين في تأييده، إضافة إلى منح الولايات المتحدة الأمريكية ورقة جديدة لمحاولة فرض التدخل البرّي في سوريا من خلال ما تسميه «توجيه ضربة للنظام السوري»، كما إن الصحيفة الألمانية تحاول أن تخلق مبرراً للكيان الصهيوني عن كل اعتداءاته الماضية على الدولة السورية، و تمهيد الطريق لتأييد دولي لمثل هذه الإعتداءات مستقبلاً.
الجواب يأتي من التردد الألماني في الإعتراف بالدولة الفلسطينية، و التي ستعتبر خطوة بمثابة الإنتحار من أي حكومة أو برلمان ألماني يقدم عليها، إذ سيعمد الإعلام الإسرائيلي، إضافة إلى الإعلام الغربي الذي تتحكم به رؤوس الأموال اليهودية إلى تصوير ألمانيا على إنها تعيد «المحرقة اليهودية المزعومة»، و هذا ما لاتفكر به المستشارة الألمانية أو غيرها من سياسي بلادها، وعلى هذا الأساس فإن الإعلام الألماني مرشح أكثر من غيره ليكون مؤثراً و محققاً للغاية التي تريدها حكومة الكيان الإسرائيلي و الحركة الصهيونية العالمية، فالإعلام الألماني في نظر أوروبا لا يميل إلى إسرائيل كثيراً بكون ألمانيا متأثرة بدفع تعويضات عن الـ «هولوكست» التي قيل أن هلتر نفذها بحق اليهود، وعلى ذلك تذهب إسرائيل لتحريك أدواتها الإعلامية لصناعة وهم تتمسك به أمريكا ودول الغرب لمحاربة سوريا و إيران، من خلال ربط الملفين من خلال هذا الوهم مما يعقد الوصول إلى حل في كلا الملفين معاً، فما يجري على أرض الواقع يقول إن المفاوضات و المساومات السياسية الكبرى على كلا الملفين معقدة، فكيف لو تم ربطهما معاً من خلال شرارة إعلامية قد تفضي إلى حريق يناسب التوجهات الإسرائيلية قبل أي شيء آخر.
المصدر: "عربي برس"