2025-05-12 04:23 ص

بعد العربدة الإسرائيلية.. معادلة الجليل ومابعده على المحك

2015-01-21
كتب محمد بكر*
مجدداً وبعيداً عن الحراك الأوروبي ومايصاغ خلاله من اجتماعات وقمم لوضع الآليات والاستراتيجيات ومناقشة سبل مواجهة تغلغل وتمدد الإرهاب الذي قيل عنه أنه بات يرتد على صانعيه ومموليه , يمضي الإسرائيلي في تصنيع وصياغة الاستراتيجية الخاصة به, فعينه التي كانت ولازالت مسمرة باتجاه خصمه اللدود حزب الله, لم تستطع أن تسيطر أكثر من اثنين وسبعين ساعة على ماطفحت به من " احمرار" انتفخت معها الجفون حتى انفجرت من هول المشاهد الماثلة أمامها لجهة ما بات يفاخر ويجاهر به الحزب وعلى الملأ من أعدائه وخصومه من قدرات ٍأكثر من نوعية وإمكانات ٍ تفوق المتوقع ,إذ لم تعد تُحدَد بسقوف وأصبحت خارج حدود القياس الإسرائيلي في الميزان العسكري, فما أعلن عنه سماحة السيد حسن نصر الله لجهة أن انشغالات الحزب في الساحات والميادين الأخرى لا ولن تكون على حساب جهوزية المقاومة التي تبقي عقلها وعيونها ومتابعتها قائمة وحثيثة في مواجهة الكيان الصهيوني, معتبراً أن الأخير سيكتشف حماقته إذا كانت حساباته مبنية على وهن وضعف المقاومة, وأن الأخيرة باتت على أتم الاستعداد لنقل المعركة إلى أرض العدو, وتحديداً للجليل وما بعد الجليل, وإن الأسلحة التي بحوزتها هي من الصنوف التي تخطر ببال "إسرائيل " وما لايخطر ببالها أيضاً , مضيفاً أن أي اعتداء على سورية هو اعتداء على محور المقاومة ولن يمر من دون رد , كل ذلك كان كفيلاً باستيلاد ذلك الوقع الذي كان له عظيم الأثر على النفس الإسرائيلية التي سارعت لشن عدوان إرهابي اغتالت فيه ستة من كوادر الحزب بريف القنيطرة. فأي استراتيجية خاصة يعمل الإسرائيلي على صياغتها ؟ وكيف تمكن لنا قراءة أبعاد العدوان الإسرائيلي والرسائل السياسية التي بعثها ؟ إن ما ظهره العدو الصهيوني من خلال وسائل إعلامه من أن الجبهة الشمالية باتت جبهة واحدة وأن السنوات الطيبة التي عاشها الشمال الإسرائيلي قد انتهت , إنما كانت تهدف في اعتقادنا إلى إرسال رسالة سياسية لواشنطن وحلفائها من الغرب والأعراب بأن أي استراتيجية تصاغ لمواجهة الإرهاب لا تضع ضمن أولوياتها مواجهة حزب الله ومحوره السوري- الإيراني , فإنه غير معني بها على الإطلاق , وإن المطلوب بحسب الرسالة الإسرائيلية هو تكريس ذلك التحالف بالدرجة الأولى لمناصرة ومساندة " إسرائيل " في مواجهة خصومها, وما يهدد أمنها من جراء "خطر" ذلك المحور برمته,ومن هنا نقرأ ونفهم ما سارع الإعلام الإسرائيلي لبثه لجهة أن الغارة الإسرائيلية استهدفت ماسماها جهات إرهابية كانت تخطط لهجمات ضد " إسرائيل " من الأراضي السورية في محاولة إسرائيلية مفضوحة ومكشوفة " للتوأمة " بين الإرهاب من جهة وحزب الله ومحوره من جهة أخرى , إضافة للربط الذي جاء على لسان مصدر في الاستخبارات الإسرائيلية وبعد العدوان مباشرة لجهة اعتبار الشهيد جهاد عماد مغنية بأنه كان ضابطاً خطيراً على تواصل وتنسيق دائم مع الحرس الثوري الإيراني لتنفيذ هجمات على " إسرائيل " . رسائل أخرى صاغها الإسرائيلي من خلال عدوانه, وتحديداً للمجاميع الإرهابية المسلحة في سورية في محاولة " لدحض" ما جاء على لسان الأمين العام لجهة توصيفه وتشخيصه لقدرات داعش وأخواتها على الأرض السورية , تلك الرسالة التي تأتي في إطار الدعم المادي والمعنوي لتلك المجموعات منهارة العزائم , ولسان حال الإسرائيلي فيها يقول: أن اللعبة في سورية لم تنته ولازلتم قادرين على التأثير وتغيير المعادلة على الأرض , ولازلت السند الحقيقي لكم والظهر المتين في معركتكم ضد الجيش العربي السوري . على المقلب الآخر جاء العدوان ليبعث برسالة للأمريكي ولاسيما عشية استئناف المفاوضات فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني , بأن أي اتفاق " سيء", لايخدم الأمن والمصلحة الإسرائيلية بالدرجة الأولى فإن الحرب ستكون حاضرة لنسف أي توافق من هذا القبيل, وتالياً تخريب وإعاقة أي تقدم يحقق فيه الإيراني انتصاراً سياسياً في مباحثاته مع الغرب , ولاننسى أن الإسرائيلي سيسارع لاستثمار أي رد على عدوانه لتشتيت حراك محكمة الجنايات الدولية التي شرعت بتحقيق أولي في جرائم حرب ارتكبتها " إسرائيل " في غزة , لجهة تظهير أن " الدولة " التي ستحققون معها هي من تتعرض للقصف والإرهاب . إن ماطرحه كيري مؤخراً لجهة استعداد دول عربية للسلام مع " إسرائيل " لمواجهة حماس وداعش على حد تعبيره, وإذا ماتم ربط ذلك بالعدوان الإسرائيلي وما يسعى الإسرائيلي لتظهيره وتحقيقه واستثماره والبناء عليه من وراء ذلك الطرح , إنما يأتي استكمالاً للرؤية والاستراتيجية التي طرحها وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان وتحديداً في نيسان من العام الماضي لجهة الإعلان الرسمي والمجاهرة الصريحة بالتنسيق والتحالف مع دول عربية لمواجهة الأخطر من المنظور الإسرائيلي (حزب الله وإيران ), وعليه فإن كل الاستراتيجيات التي يطرحها الغرب في إطار مواجهة الإرهاب لن تحمل إلا العناوين البراقة والمزيفة في حين سيتم العمل على تكريس مضمونها بالمطلق للتطبيق الفاعل لاستراتيجية التحالفات التي يدأب الكيان الصهيوني على نجاحها وإتمامها في مواجهته الكبرى مع محور المقاومة . لا شك في أن العدوان الإسرائيلي على ريف القنيطرة , وما يحاك ويحضر وراء الكواليس للنيل من قدرات الحزب من جهة , وما طرحه الأمين العام لحزب الله من استراتيجيات جديدة في المواجهة مع العدو الصهيوني من جهة أخرى سيفرض معادلات جديدة في طبيعة وشكل المواجهة القادمة يغدو معها الرد النوعي المختلف في أسلوبه وحجمه عن الرد الأخير الذي قام به الحزب في مزارع شبعا " وهو لاشك ما سيكون حاضراً بقوة في خيارات جبهة المقاومة " , يغدو حاجة ملحة في المرحلة المقبلة , هذا الرد الذي تتحول معه فرضية عدم الاكتفاء بالدفاع إلى واقع ملموس لايهرع فيه المستوطنون الإسرائيليون إلى ملاجئهم فقط بل يغادروا تلك المستوطنات وقد تحررت على أيدي رجال المقاومة . من فلسطين إلى لبنان فسورية يستمر الكيان الصهيوني في عربدته وغطرسته وعنجهيته وإرهابه ,يصوغ الاستراتيجيات ويوجه الأدوات, ويرسم تحركاتها ومناطق استهدافاتها تطبيقاً لأجنداته ومخططاته ,تغدو معها معادلة الجليل ومابعده على المحك ,ورهن صافرة المقاومة التي وحدها فقط من تعلن بدء الرد وإرساء جديدها من الاستراتيجيات , ولسان حال جليلنا يصدح : أتوق لرؤيتكم فاتحين , ولأرضي محررين. 
* كاتب سياسي فلسطيني مقيم في سورية