يدرك بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي أن عملية تصفية الحسابات بينه وبين الرئيس الامريكي باراك اوباما قد بدأت، منذ اللحظة الاولى للاعلان عن فوز اوباما في الانتخابات الامريكية، ورئيس وزراء اسرائيل يعتبر نجاح اوباما فشلا لتقديرات وتوقعات مستشاريه ورهانهم على الحصان الخاسر رومني.
ونتنياهو تلمس هذا "المستقبل الاوسد" ـ كما تسميه دوائر اسرائيلية ـ في العلاقة مع اوباما، من خلال محاولات متكررة قام بها مستشاروه منذ ظهور النتائج لفتح خط اتصال مع الرئيس الامريكي ، وظهر أن هناك تهربا واضحا من مستشاري اوباما. وفي حال حققت الانتخابات القادمة في اسرائيل ما يتمناه نتنياهو واعادته رئيسا للوزراء من جديد، فسيكون عليه مواجهة أربع سنوات مليئة بـ "العصبية" والتوتر، وسوف يستمر الاثنان "اوباما ونتنياهو" حتى اللحظة الاخيرة في مواجهة بعضهما البعض، اذا لم ينجحا في طي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة من التعاون بينهما، وسوف يضطر نتنياهو تقديم تنازلات كبيرة لتحقيق هذا الهدف.
صحيح أن العلاقات الاستراتيجية بين أمريكا واسرائيل قوية ومستمرة تلتزم بها الادارات الامريكية جمهورية وديمقراطية الا أن هذه العلاقات الاستراتيجية يمكن أن تستمر وتتعاظم دون الحاجة الى وجود دفء في العلاقة بين البيت الابيض وديوان رئاسة الوزراء الاسرائيلية، وسيحاول اوباما في المرحلة القادمة فرض أجندته، وما يؤمن به هو ومستشاروه ، في كل ما يتعلق بمسائل وقضايا حساسة على رأسها الملف النووي الايراني والقضية الفلسطينية، لذلك ينتظر نتنياهو ومن معه بترقب واهتمام كبيرين تركيبة الفريق الرئاسي الامريكي الجديد، ومن سيتولى المناصب الهامة كالخارجية والدفاع والامن القومي وطبيعة المستشارين في الحلقة الضيقة التي ستحيط بالرئيس الامريكي خلال السنوات الاربع القادمة.
ويشعر نتنياهو بأنه كان على حق عندما اتخذ قرار تبكير الانتخابات، وصحيح أنه كان يتمنى أن يكون حليف رومني في البيت الابيض، لكن، من الان فصاعدا، وفي حال تحققت التوقعات بفوزه، فان عليه أن يعزز دفاعات اسرائيل في مواجهة هجمة دبلوماسية سياسية تقودها أمريكا واوروبا ضد اسرائيل لفرض حل سياسي للملف الفلسطيني العالق، وفرض الحلول في هذا الملف يعني ممارسة ضغوط ليس على معسكر واحد، وانما ايضا على المعسكر الفلسطيني المقابل، وقد يأخذ أوباما بنصائح البعض بأن الصراع الفلسطيني الاسرائيلي لن يجد له حلا، ولن يصل الى المحطة النهائية دون رعاية امريكية خشنة وجادة.
وبالنسبة لايهود اولمرت فان هذه الفترة مناسبة له للعودة الى الحياة السياسية، حتى بعد تقديم استئناف النيابة العامة للمحكمة العليا، واذا لم يستغل هذه الفرصة السانحة فانه لن يعود ابدا، خاصة بعد عودة اوباما مرة ثانية الى البيت الابيض، حيث مهدت هذه العودة لعودة شبه مضمونة لاولمرت في مكتب رئيس الوزراء، وسيحاول عندها التأكيد على أن اسرائيل لا يمكن السماح بأن تتضرر علاقتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، وحينها لن يستطيع نتنياهو مواجهة تلك الادعاءات والرد عليها.
هذه التطورات ستمهد لعودة الموضوع الفلسطيني على رأس الاجندة في الانتخابات الاسرائيلية القادمة، لكن، نتنياهو سوف يستغل هذه اللعبة من خلال طرح الانسحاب من الضفة بشكل أحادي الجانب، وكأنها رد على خطوة الفلسطينيين في الامم المتحدة، يقدمه اغراء لامريكا وبأنه المدخل لاوباما ليدخل كتب التاريخ.
وفي حال لم ينجح نتنياهو، وجاء اولمرت، فستكون هناك فرصة لانجاز حل، أو على الاقل اعادة ادارة عملية المفاوضات بجدية، والحديث عن حدود وفتح للملفات كافة ، وليس شرطا أن تصل هذه المفاوضات الى نهايتها بحل دائمز
وايضا في حال شكل اولمرت ونتنياهو ائتلافا واسعا فسيكون ائتلاف انجاز الحلول لملف الصراع الفلسطيني الاسرائيلي.