هذا الادراك من جانب الشارع الاسرائيلي بدأ يتسع شيئا فشيئا خلال الايام الاخيرة، نتيجة التخبط الذي يعيشه المستوى السياسي والعسكري، والتصريحات المتناقضة حول مدى قدرة الجيش على ايجاد "الحل السحري" لمسألة وقف تحدي القذائف الصاروخية القادمة من غزة.
وترى دوائر سياسية في اسرائيل أن أية عمليات عسكرية قد تشهدها حدود وسماء قطاع غزة مستقبلا ستكون بعيدة كل البعد عن عملية "الرصاص المصبوب" ، حيث أن حالة عدم الاستقرار التي تشهدها المنطقة.. وهنا، ليس المقصود تدخلا عسكريا من جانب مصر في حال تنفيذ هجوم اسرائيلي على القطاع، وانما المقصود أن أحدا لا يستطيع تقدير ردود الفعل الشعبية التي قد تفرض أجندة مختلفة عما يفكر به أصحاب القرار السياسي والعسكري في الساحة المجاورة للقطاع.
دوائر سياسية اسرائيلية مطلعة في تل أبيب، ذكرت لـ (المنـــار) أنه في ظل حالة الاستنزاف التي تعيشها التجمعات السكانية جنوب اسرائيل منذ انتهاء عملية "الرصاص المصبوب" على غزة، بدأت تعود بقوة الاقتراحات التي كان ينظر اليها باستخفاف واستهتار كحل لحالة عدم الاستقرار، وفي مقدمتها، العمل على انهاء التوتر الامني المستمر من خلال ادارة اتصالات حقيقية سياسية وأمنية مع حماس بشكل مباشر أو من خلال وسطاء، فحركة حماس هي المسيطرة اليوم على القطاع، ولا تغيير في الافق لهذه الحقيقة لدى الجهات الامنية والاستخبارية الاسرائيلية، كما أن الادراك المتعاظم لدى سكان المنطقة الجنوبية في اسرائيل، وهو استحالة حسم الامور عسكريا، وهو ما ادركته منذ فترة طويلة القيادات العسكرية، وكانت ترى فيه القيادة السياسية توصيات غير واقعية وغير مقبولة، باتت هذه الحقيقة مقبولة لدى المستوى السياسي، تفتح شباك فرص حقيقي مدعوم برغبة شعبية في جنوب اسرائيل، نحو انهاء حالة الاستنزاف والعودة الى الحالة الطبيعية، مقرونة برغبة عسكرية بضمان عدم الانجرار الى وحل قطاع غزة، فالقيادات العسكرية استنادا الى هذه الدوائر تعلم أن الدخول الى غزة أمر سهل، لكن، البقاء هناك يعرض الجنود للخطر، وعندها فان الخروج والانسحاب من القطاع لن يعيد قوة الردع الاسرائيلية، ولن يساهم في ترميمها.