أنباء الاستقالة كانت مدار بحث في عدد من العواصم في الاقليم والساحة الدولية، دول أجرت اتصالات مع الرئيس عباس لثنيه عن ذلك، طالبة عدم الاقدام على هذه الخطوة، خاصة في هذه الظروف المفصلية التي تعيشها المنطقة والساحة الفلسطينية، وما قد تشهده من تطورات ومفاجآت ، فعملية ترتيب الساحة تستغرق وقتا طويلا، والاستقالة تعيق ذلك، مما يتهدد ساحة تتعرض لكافة أشكال التحديات.
وهناك، دول، معروفة بمواقفها، من الرئيس وشعب فلسطين، تتمنى استقالة الرئيس، تماما كما هو حاصل لدى البعض في الساحة، ضحالة تفكير أو ارتباط بالغرباء، أو غرور في غير محله، حيث تسرح العقول وتتكثف الأوهام.
لكن، هل سينسحب الرئيس من الحياة السياسية بهذه البساطة والسهولة، وهل يستشف خطورة قادمة، وتحديات أكبر يجد معها، أن الافضل هو تسليم مقاليد الأمور بعمق وتفكير وحسن ترتيب، وفي حال النجاح والفشل هو المسؤول الأول عن النتائج، وأيضا هل يضمن سلاسة في الخروج والتسليم، وماذا لو أصرت قيادات فتح وغيرها ـ على الأقل الغالبية ـ على منعه من الاقدام على خطوة الاستقالة، هل يواصل اصراره، أم يتراجع؟!
المعادلة غير مفهومة بعد، وكثيرة هي الجوانب غير الواضحة تفسيرا، وهذا ما ستوضحه الأيام القليلة القادمة، صدق الاتصال الخارجي والنوايا الداخلية، وسير عملية التنافس على مقاعد أعلى هيئة فلسطينية، صدق في التدخل، أم "بريان عتب".
مراقبون يرون أنه بعد أحد عشر عاما من الحكم، فان الرئيس محمود عباس سيتخذ خطوة جريئة ذات تأثير في ملف الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، يكون لها صداها الكبير، وتداعياتها الأكبر، على مجمل جوانب هذا الملف، خطوة تندرج تحت اطار الحرب السياسية الدبلوماسية المشتعلة بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي في المحافل والهيئات الدولية، يعقبها بخطاب جريء وصريح موجه الى شعبه، يتناول فيه تفاصيل التفاصيل.
ويقول المراقبون، أن الرئيس، في ضوء ما نشهده من أحداث وتطورات في الساحة، وما يجري ويتخذ من خطوات أمام امتحان كبير، وهو، كيفية اختيار الاشخاص الذين سيتولون الأمور في حال أصر على استقالته، أو مشاركته في "العبء" اذا تراجع تحت رغبات المؤسسات الفلسطينية.
امتحان كبير لنتائجه تداعيات هامة، ومن هنا، ورغم قصر الوقت ، وفي هذه الحالة، فان من الأسلم والأفضل والواجب أن تتسع دائرة "التشاور" وأن لا تكون مقتصرة على عدد قليل، خشية أن تختلط الأمور اقصاء للغير، وحصارا للاخرين وسوء نية وتقدير في الاختيار والمساهمة في اتخاذه، المراقبون أنفسهم يقولونن أن الأهم في مسيرة الرئيس، وما قد يتخذه من خطوات، هو الدقة في الاختيار، واعادة النظر والتقييم، خاصة بعد تسريب "لأسماء" في هذه المواقع أو تلك، لاقت عدم استحسان من الشارع الفلسطيني.