ولقاء واشنطن بين نتنياهو وأوباما، يجيء في مرحلة حرجة تعيشها المنطقة بفعل التطورات المتلاحقة فيها، والواضحة الخطيرة في أكثر من ساحة، والسورية بشكل خاص، كذلك، هناك، نجاح أوباما في ضمان تمرير الاتفاق النووي الايراني في الكونجرس الذي راهن نتنياهو على فشله وغضب ادارة اوباما من تدخل نتنياهو في عرقلة الاتفاق منسقا في ذلك مع مملكة آل سعود وفرنسا اضافة الى التوتر في العلاقات بين الفلسطينيين والاسرائيليين وما يعكسه ذلك من تأثيرات سلبية على ملف الصراع بفعل انعدام الافق السياسي لايجاد حل له.
ولا نغفل هنا، أجواء انعقاد الجمعية العامة للامم المتحدة، وقلق اسرائيل من مفاجآت هذه الدورة، لسببين اثنين، الأول، ارتفاع وتزايد حدة الانتقادات الدولية للسياسة الاسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وما قد يتضمنه خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس من على المنبر الدولي.
لكن، الأهم في اللقاء المرتقب بين الرئيس الأمريكي ورئيس وزراء اسرائيل في بداية شهر تشرين ثاني القادم، هو ما يعرض من الجانبين على طاولة النقاش من أثمان تريد أن تقبضها اسرائيل جراء تمرير الاتفاق النووي الايراني، وهنا تقول دوائر دبلوماسية لـ (المنــار) أن نتنياهو يريد اثمانا منجزة وكاملة في ساحتين على الأقل، وهما الساحة السورية والساحة الفلسطينية، علاوة على طلبات السلاح المتطور، الذي تقوم ببحثه الطواقم الاستراتيجية العسكرية والأمنية المشتركة، وهذه الطلبات "مجابة" فالدعم العسكري الأمريكي لاسرائيل لم يتوقف في يوم من الأيام، تحت بند الحفاظ على التفوق العسكري الاسرائيلي في المنطقة.
وما يريده نتنياهو، بعد ضمان وتأمين الثمن العسكري الامني، هو حل سياسي بصيغة وهندسة اسرائيلية للصراع الفلسطيني الاسرائيلي، تطرحه الولايات المتحدة، وتضيف الدوائر الدبلوماسية أن واشنطن سترد بالايجاب، وسيدفع الفلسطينيون ثمن تمرير النووي الايراني، وتشير الدوائر هنا، الى أن اعلان الأمين العام للامم المتحدة بضم مملكة آل سعود ومصر والأردن للرباعية الدولية، وما تفوه به بان كي مون، هو بايعاز طلب وقرار أمريكي، فضم هذه الدول يعني أن دورا مهما سيكون لها في أية تحركات سياسية قادمة بشأن ملف الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، دور الضاغط والمهدد للجانب الفلسطيني، والهادف تمرير الحل الذي ستطرحه الولايات المتحدة، والمنشق بشأنه بين واشنطن وتل أبيب.
أما الثمن الثاني الذي سيتوافق عليه أوباما ونتنياهو، فهو تصعيد الحرب الارهابية العدوانية على الشعب السوري، ومواصلة خطط تدمير الدولة السورية، والولوج الى ملف التقسم، ونلاحظ أن الأطراف المعادية السورية بدأت عمليا تصعيد العدوان بدعم تركي خليجي، وهذا يسهل الطريق لنتنياهو في رحلته الى العاصمة الأمريكية.
وتؤكد الدوائر الدبلوماسية أن اسرائيل تدرك أن لا قدرة لها على محاربة ايران او شن عدوان عليها، وبالتالي، حدة الموقف الاسرائيلي من الاتفاق النووي الايراني الذي نجحت ادارة اوباما في تمريره، هو صراخ لأهداف أخرى، وهي الأثمان التي يأمل نتنياهو بانتزاعها من واشنطن خلال لقائه المرتقب مع باراك أوباما.