انها تهديدات وضغوط يتعرض لها الرئيس الفلسطيني من الجهات الأربع، ومن تحالفات ومحاور شيطانية، وهذا يستدعي حذرا ووعيا، واستخدام أوراق بشكل محسوب، مع توسيع دائرة التشاور وهذا حق للرئيس وشعبه، خاصة في مثل هذا الظروف المصيرية الحرجة، دون اغفال لدور اعلامي مميز ومهني فـ "المطارق" كثيرة و "السنادين" أكثر.
نقصد بمطرقة الحلف الامريكي، تلك العواصم اللاهثة في فلك واشنطن، التي انزلقت، عن قصد وغير قصد لتقديم الخدمات "على حسابها" ومن "خزائنها" تصفية لقضايا الأمة، وفي مقدمة أعضاء هذا الحلف، العواصم الخليجية قاطبة ودون استثناء، لكل دورها وان تباينت ظاهرا فيما بينها في السياسات والمواقف، فأبواب العواصم المذكورة مغلقة في وجه الرئيس محمود عباس الذي لم ينجرف لتأييد خياناتها وجرائمها.. واكتفى بمواقف "المجاملة" اجتماعيا، لعل وعسى يستمر دعمها المالي المتناقص والمحسوب والمعلق للشعب الفلسطيني، ولم تجد نفعا بعض الزيارات من حين الى آخر، الى هذه العاصمة الخليجية أو تلك، وهذا الأمر ينطبق على عواصم أخرى هي حليفة للولايات المتحدة بنسب متفاوتة، فهذه الدول اختطت مسارات غريبة، مقلقة ومرعبة تداخلت فيها "الشخصانية" والفعل التآمري، دون أن تنجح مواقف الدعاية والاستهلاك والعلاقات العامة في تغطيتها، فأبواب هذه العواصم "دون ذكر الأسماء مؤقتا" مغلقة. واذا فتحت فهي لايصال التهديدات "استوطاء ً للمحيط الفلسطيني"، وان خرج الرئيس عباس من لقاءاته مع زعماء العواصم المذكورة مبتسما أو أذيع بيان مقتضب اعتدنا على صيغته، وعباراته و "ترويسته"!! فتهديدات وضغوط "ذوي القربى" أكثر ايلاما من غيرها، حتى لو لم يعلن أبو مازن عن ذلك، فالصراحة لها حدودها في مثل هذه الظروف، وممنوع عليه أن يكشف أو يعبر عن ألمه، وأن يظهر خيبة أمله، من الاعراب من كل التسميات!! ووصل الأمر بدول التحالف مع أمريكا، أنها انضمت الى اسرائيل في قهرها وقمعها للفلسطينيين، تتحالف مع تل أبيب وتنسق معها، وتدفعها الى مواصلة ممارساتها، وتتشاور معها، في طبيعة الحل الذي وعدت بفرضه على الفلسطينيين ترغيبا وترهيبا.
ومن حاملي المطارق أيضا اسرائيل، التي تنفذ سياسات خطيرة في الاراضي الفلسطينية، ضد مواطنيها ومقدساتها، وتمارس أبشع أشكال الحصار، وخطوات الاحراج "خلخلة" للمشهد السياسي الفلسطيني، واسنادا لقوى وقيادات تتمنى المزيد من هذه الخلخلة عارضة الأثمان التي تريدها تل أبيب، الى درجة الوقوف "عراة" طمعا في موقع أو منصب، هم غير جديرين بتوليه وتسلمه. وهناك الحصار المالي الذي تتشارك فيه اسرائيل والولايات المتحدة ودول "الاعراب" والأزمة المالية التي تعاني منها الساحة الفلسطينية، هي احدى المطارق، الموجهة الى الرئيس محمود عباس، في ظل الأبواب المغلقة في وجهه، يحمله على تقديم تنازلات واتخاذ خطوات نرى استحالة اقدامه عليها.
أمام السندان، فالممسكون به يتلاقون في الهدف مع أصحاب المطارق ورافعيها، فحركة حماس لم تعد تنطلق في مواقفها من البستان الفلسطيني، تتبع دون تبصر أو نقاش واعتراض برامج ومواقف وسياسات جماعة الاخوان، رافضة تقديم ما يلزم لتحقيق المصالحة، ومصرة بعناد على التدخل في الشؤون الداخلية لهذا البلد العربي أو ذاك، وتقوم بكل ما من شأنه ايصالها الى الاحلاف الصغيرة الممسوكة والمعلقة بالحبل الأمريكي، وهي أحلاف تخريبية وتدميرية تقودها السعودية ومشيخة قطر وتركيا، وبمعنى أوضح، حماس التي كانت ترفع لواء المقاومة ضد الاحتلال، تعمل الآن على عقد هدنة طويلة الأمد معه، للتفرغ الى دور يوكل لها في سياسة التدمير التي تتعرض لها دول عربية، من جانب جماعة الاخوان والقوى التي تتحالف معها، التي تصب في النهاية في خدمة واشنطن وتل أبيب، هدنة طويلة الأمد، لوضع برامج الاشغال واشعال الفوضى في الضفة الغربية طمعا، وعبر العنف في الامساك بالمشهد السياسي الفلسطيني، وهذا الموقف "عكننة" و "الهاء" وتشويش للقيادة الفلسطينية التي تخوض حربا سياسية شرسة ضد الاحتلال في المحافل الدولية، لذلك، نرى أنها تشعل "فتاشا" هنا وآخر هناك، و "تزج بأنفها" في هذه الساحة وتلك، وفي النهاية هي مشارك في تثبيت "السندان".
ومن "محتضني السندان"، هنا، "قيادات" ـ تجاوزا ـ شغلها الشاغل عقد اللقاءات والبحث عن مداخل للتخريب، والتضليل والتمحور وربط الخيوط مع الغرباء، لضرب المشروع الوطني الفلسطيني، فقط من أجل الفوز بمنصب، ومن أجل تحقيق أطماعهم، ارتهنوا للغرباء من كل جنس، وامتهنوا نشر الشائعات وقصص التشويه والتشويش، لاعاقة التقدم في ميدان مواجهة اسرائيل بأشكالها المختلفة، وهم يشنون حربا اعلامية، فيها ما هبّ ودبّ.
نعم، ان محمود عباس بين المطرقة والسندان، وان أخفى ذلك فهي الحقيقة، واخفاؤها أحيانا يأخذ المنحى الدبلوماسي، وعدم قطع الخيوط، والابقاء على شعرة معاوية.
ولكن، هذا الوضع الصعب، تتطلب مواجهته توسيع دائرة التشاور، والتعاطي والاستماع لمن يؤمنون قولا وفعلا بأن الدين النصيحة، وذلك خشية أن يصبح البعض، في مرحلة من المراحل أو لحظة من اللحظات، نشطاء في رفع المطرقة وتثبيت السندان، والحدق يفهم!!