2025-05-07 07:59 ص

"البيض" الفلسطيني في السلة الأمريكية!!

2015-09-27
القدس/المنــار/ وثقت القيادة الفلسطينية طويلا وكثيرا في القيادة الأمريكية، وربطت مواقفها ومصيرها، بما تمليه عليها من اراء على شكل وجود ونوايا صادقة، وباتت خطوات هذه القيادة مرتبطة بالمصالح والسياسات الأمريكية، وكل جوانب ملف الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ارتهنت بالادارة الأمريكية.
وفي السنوات الأخيرة، أصبحت واشنطن هي المقررة للسياسة والخطوات الفلسطينية، وأفرز ذلك شبكة من الامتدادات باتجاه الولايات المتحدة، وتحولت الى قنوات، معلوماتية من جهة، تدفق للمعلومات ومن الطرف الثاني للقناة، ارسال التعليمات وبناء المواقف عليها، وشهدت هذه السنوات "نكسات" تلقتها القيادة بحسرة ومرارة، دون صراخ حتى لا يغضب "الصديق الأمريكي" كما يحلو لبعض القيادات تسمية واشنطن. في الوقت ذاته كانت اسرائيل تواصل حصد المكاسب والمنافع من الولايات المتحدة أسلحة ومباركة للاستيطان واسنادا لخطوات القمع ضد الفلسطينيين، وكلما علا صوت القيادة واستغاثة بأمريكا وتنديدا باسرائيل، سارعت واشنطن الى نصب طاولة التفاوض الذي أصبح قدرا فلسطينيا، وكما يسميه المفاوض الكبير بـ "الحياة" ، تماما كالمياه بالنسبة للانسان.
هذا التعاطي الفلسطيني مع السياسة الأمريكية عطل التفكير باتجاه خيارات أخرى، ونحول الملف الفلسطيني الى متجر تدفع منه الاثمان الى اسرائيل، مع كل انتكاسة تشهدها العلاقات بين تل أبيب وواشنطن، ووجدت اسرائيل في ذلك، نبعا وفيرا لتلبية احتياجاتها وتمرير برامجها، بمباركة أمريكية واضحة، مقابل وعود أمريكية، يمنحها الامريكيون للجانب الفلسطيني، الذي يخرج بها الى العلن "مهللا ومطبلا"، ثم يتضح كذب هذه الدعوة فتعود القيادة الفلسطينية الى ردود فعل "تهديدية" لا قدرة لها على ترجمتها وتنفيذها على الأرض.
لقد وضعت القيادة الفلسطينية كل "البيض في السلة الأمريكية"، غير أنه لم "يفقس" وبقي على حاله، وزيارة دفع الاثمان التي سيقوم بها رئيس الوزراء الاسرائيلي في تشرين ثاني القادم الى واشنطن، ستحطم كل البيض الذي وضعته القيادة الفلسطينية في السلة الأمريكية.
ومع أن الموقف الأمريكي من الصراع مع اسرائيل واضح، الا أن القيادة الفلسطينية استمرت في تلقي "حقن التخدير" الامريكية، وها هو خطاب الرئيس محمود عباس في الامم المتحدة سيعرض على الوزير جون كيري، مع أن الرئيس نفسه، أطلع دبلوماسيين اسرائيليين متقاعدين خلال لقائه بهم في باريس أن واشنطن عطلت الكثير من ترتيبات عقد لقاءات مع نتنياهو، وهذا اعتراف من صاحب القرار في الساحة الفلسطينية بالخداع الأمريكي، وهذا يعني أن القيادة الفلسطينية قبلت على نفسها أن تكون "الميدان" للتوتر في العلاقات بين الرئيس الامريكي باراك اوباما ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي سيتوجه الى الولايات المتحدة في مطلع تشرين ثاني القادم لقبض أثمان الاتفاق النووي الايراني، على حساب الفلسطينيين، حيث أقحمت القيادة الفلسطينية نفسها في الصراع الشخصي بين نتنياهو وأوباما، دون أن يعي من هم في دائرة صنع القرار مخاطر ذلك، بعد أن ضاقت وتقلصت دائرة التشاور بدلا من أن تتسع.
في باريس أعلن عباس بمرارة تعطيل أمريكا لعقد لقاءات فلسطينية اسرائيلية، وفي الحقيقة هناك أيضا من هم في دائرة صنع القرار، ساهموا في "نصائح التعطيل"، واستمروا في ذلك دون مساءلة أو لجم.
والتساؤل الذي يطرح نفسه، هنا، هو: هل ستبقي القيادة الفلسطينية كل البيض في السلة الأمريكية، بعد كل هذه "اللطمات"؟!