2025-05-07 05:45 ص

خطاب الرئيس عباس.. قراءة سريعة للمضامين والاستراتيجية والخطوات القادمة

2015-10-01
القدس/المنــار/ في خطاب الرئيس محمود عباس أمام الجمعية العامة للامم المتحدة مفاصل هامة، شكلت تحريكا لوضع فلسطيني مأساوي مستمر منذ عقود طويلة، رغم العديد من القرارات التي صدرت عن الهيئة الدولية ولم تلتزم بها اسرائيل، ولم تمارس الامم المتحدة مسؤوليتها ودورها لتطبيق وتنفيذ هذه القرارات. 
خطاب الرئيس الفلسطيني، نتاج صبر بدأ ينفذ، بفعل احتلال ظالم يواصل قمعه، ومصادرة أرض شعب يتوق للحرية والاستقلال كغيره من شعوب الأرض.. شعب محاصر، تنتهك مقدساته وتستوطن أرضه، ويعذب أبناؤه، لذلك، كان عباس صريحا في طرحه عندما وجه حديثه الى قادة العالم بأن يتحركوا لاحلال السلام، ولجم اسرائيل قبل فوات الأوان، بمعنى آخر، أن استمرار الاحتلال يفتح الأبواب على مصاريعها لأعمال عنف واسعة وصعبة لن يضمن أحد عدم اتساعها وامتدادها، وهنا، يتابع الرئيس بأن السلام في فلسطين، هو السلاح الفعال للقضاء على الارهاب الذي يعصف بالمنطقة، والسلام كما حدده، الرئيس عباس، هو دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية الى جانب دولة اسرائيل، داعيا دول العالم الى الاعتراف بدولة فلسطين.
الرئيس عباس في خطابه في الذكرى السبعين لاقامة الهيئة الدولية قدم وصفا تفصيليا دقيقا لمعاناة الشعب الفلسطيني، معاناة لم تعد تحتمل، مبينا عدم التزام اسرائيل بالاتفاقيات المبرمة، وفق ما نص عليه اتفاق اوسلو، وهنا، أعلن الرئس الفلسطيني أنه في حلٍ "مشروط" من هذه الاتفاقيات "اذا" ما واصلت اسرائيل سياستها الظالمة وحصارها واستيطانها للارض الفلسطينية.
وبعد أن عرض الرئيس صورة الوضع الفلسطيني كاملة، محملا اسرائيل مسؤولية هذا الوضع الصعب، ومحذرا المجتمع الدولي من خطورة استمرار الاحتلال الاسرائيلي، داعيا شعوبه وحكوماته الى الاعتراف بدولة فلسطين، ألقى خلاصة كلمته، بالقول، أن الشعب الفلسطيني محب للسلام وراغب في تحقيقه، لكن، هذا وحده لا يكفي فعملية السلام ونجاحها بحاجة الى أن يكون الطرفان راغبان في السلام.. واسرائيل لم تبد هذه الرغبة، بل تمارس كل ما من شأنه الغاء هذه العملية.. وهنا، كان الرئيس عباس واضحا، في تأكيد الرغبة الفلسطينية في العيش بسلام في دولة مستقلة الى جانب دولة اسرائيل، عندما أعلن تأييده ودعمه للمبادرة الفرنسية، وتجديد قبوله لمبادرة السلام العربية.
ولم يغلق الرئيس الفلسطيني الأبواب في وجه أية أفكار وطروحات جادة تنهي الصراع الفلسطيني الاسرائيلي باقامة سلام عادل، وحرص على أن لا يتخذ قرار الغاء الاتفاقيات المبرمة مع اسرائيل، وربط ذلك بالمواقف والممارسات الاسرائيلية، بمعنى أن ما قيل عن "قنبلة" في خطاب الرئيس، ما تزال في اليد، وتفجيرها ينتظر ماذا سيكون عليه الموقف الاسرائيلي في الفترة القادمة، وصدقية أية جهود لانجاح عملية السلام، جهود مربوطة ومحددة بسقف زمني، حيث رفض عباس المفاوضات من أجل المفاوضات، وبمعنى أدق، الحياة ليست مفاوضات، وانما هناك محددات ترتكز عليها أية عملية تفاوضية.
ان الرئيس محمود عباس لم يعلن صراحة نعي اتفاق اوسلو، لكن، نص الاعلان جاهز، فقد رمى الكرة في الملعب الاسرائيلي، وعلى اسرائيل أن تجيب على المطالب الفلسطينية، التي طرحها الرئيس أمام المجتمع الدولي، وكان واضحا عندما كرر القول، بأن لا أحد يجبرنا على قبول الاتفاقيات ما دام الطرف الآخر لا يلتزم بها.. وفي حال استمرار عدم الالتزام من جانب اسرائيل، فان هذه الاتفاقيات ستكون خلفنا، والفلسطينيون في حلٍ منها.
ونعتقد أن خطاب الرئيس عباس، كان جامعا شاملا، ونجزم أن اسرائيل لن تلبي المطالب الفلسطينية، وبالتالي، نعي اتفاق اوسلو فلسطينيا لن يتأخر كثيرا، وهنا، فان الصدام قادم، ولمواجهة ذلك، وقبل اقترابه فان على القيادة الفلسطينية وضع استراتيجية جديدة تشارك فيها كل الاتجاهات والقوى والفصائل استعدادا لمواجهة حتمية، واذا لم ينجز هذا ، واذا لم يترجم خطاب عباس على أرض الواقع، فان كل الخطوات الفلسطينية اضاعة للوقت، واستغفال وعدم جدية.
وما نود الاشارة اليه هنا، أن لا تفسر جهة أيا كانت خطاب الرئيس على أهوائها ومزاجها، فليس له الا تفسير واحد، هو التهديد بعدم العمل بما ورد في الاتفاقيات مع اسرائيل من جانب واحد.. وبالتالي، الفترة القريبة القادمة، هي التي ستوضح الكثير، فلا داعي للتكهنات، ورفع السقف والمزايدة، والمبارزة في اطلاق التصريحات اتهاما أو امتداحا، فانها عادة مقيتة، لا طائل تحتها.