هناك الكثير من الشواهد، التي تؤكد ما ذهبنا اليه، وبالتالي ما تبنيه من تفاهمات واتصالات مع اسرائيل أمر مصدق، اذا ما أدركنا طبيعة الدور الذي باتت تضطلع له فصائل معينة في الساحة الفلسطينية، فصائل ارتبطت بتحالف شريرة خبيثة هدفها تدمير الأمة العربية وتفكيك جيوشها خدمة للحلف الصهيوني الأمريكي.
من فترة الى أخرى تتكشف أبعد وتفاصيل دور هذه الفصائل التي لم تعد ترفع شعار المقاومة عمليا، وان رفعته فهو للعلاقات العامة والاستهلاك الدعائي، والدور الجديد الذي باتت تضطلع به يلغي المقاومة من أجنداتها، لتمسك بمطلب أصبح من ثوابتها، هو التوصل الى تفاهمات مع اسرائيل يبقيها مرتاحة دون أن تقترب من حلول سليمة للصراع، وانما تسندها في مواصلة، تنفيذ مطالب ومهام خاصة توكل اليها، كالملاحقة الاستخبارية على امتداد الساحات لصالح القوى ذات التأثير، مقابل أجر مالي دون الالتفات الى تبعات ذلك من نتائج خطيرة.
وهناك، على سبيل المثال، حركة حماس التي توزعت خلاياها ومجموعاتها وخبراتها في خدمة الحلف التركي السعودي القطري الذي يحتضن أيضا جماعة الاخوان المسلمين.فهي تتدخل في مصر وتضخ عناصرها الى شبه جزيرة سيناء، وفي سوريا هناك عناصر ومجموعات من حماس تقاتل الى جانب العصابات الارهابية، المشكلة امريكيا والممولة ماليا من دول الخليج، واسنادا لوجستيا من تركيا والاردن، ومؤخرا تم الكشف عن مشاركة حماس الحلف العدواني الذي تتزعمه السعودية على شعب اليمن، كذلك عثر في أحد معسكرات العصابات الارهابية على عناصر من حركة حماس تقوم بتدريب ارهابيين مرتزقة لصالح عملاء السعودية في اليمن، وهذا، في الحقيقة خروج عن خط المقاومة، وتشتيت لجهود هذه الحركة التي لها باع طويل في النضال، وباتت تدفع أثمان اقامة قياداتها، واستقبالها من جانب الرياض وانقرة، وغيرهما من العواصم.
ولا ينطبق هذا التحول على حركة حماس فقط، فهناك فصائل أخرى دخلت دائرة التحول، وتسير على نفس المسار، وان كان بصورة سرية.
وتقول دوائر سياسية أن الأدوار الجديدة لهذه الفصائل هو الذي يجعلها خارج دائرة المشاركة في الهبّة الشعبية، هبّة القدس وجيل الانتفاضة الثالثة، فنجاح هذه الهبّة، يعني بروز قيادات جديدة، تهدد القيادات التي تعبت وشاخت، وقبلت على نفسها الاضطلاع بادوار جديدة خارج اطار المقاومة في ساحة ما تزال تحت الاحتلال وهذه الأدوار هي السبب وراء عدم رغبة الفصيلين المتصارعين في انهاء الانقسام، واللهاث وراء اسرائيل لتحقيق تفاهمات آنية لحلول مؤقتة وهدنة طويلة الأمد.