2025-05-06 03:10 ص

من القنيطرة الى الناقورة

2016-01-10
بقلم: رفعت البدوي*  
كثر مؤخرا الكلام عن تداعيات عملية اغتيال المناضل سمير الشهداء سمير القنطار ما دفع البعض لإستنتاجات خاطئه تضر بمبدأ الايمان بعمل المقاومة لتصب في منحى يشير إلى أن المقاومة في مكان ما تقف مسيرتها واستمرارها عند رجل واحد وليس كقيادة متكاملة لها هيكليتها التراتبية والميدانية.

المعروف ان «اسرائيل» قامت بتنفيذ عملية الاغتيال بدقة متناهية، الا انني استطيع القول ان تحذيرات عدة تم ابلاغها لسمير قُبيل اغتياله تفيد ان العدو الاسرائيلي يتربص به ووجوب الحرص من التردد الى اماكن معروفة ومكشوفة وبضرورة أخذ الحيطة والحذر.. الا ان اندفاع وشجاعة سمير القنطار سهّل للعدو مهمة الاغتيال.
بعد عملية الاغتيال، خرج بعض المحللين والمشككين ليبني مواقف ويستنتج من أن اغتيال القنطار في دمشق هو اغتيال لمشروع المقاومة في الجولان بحد ذاته وذهب بعض الكتّاب والجهابذة ابعد من ذلك ليقولوا ان عملية الاغتيال ما كانت لتتم او لتنجح لولا وجود موافقة ضمنية من الروس وأن سمير القنطار دفع حياته ثمنا لاتفاق روسي اسرائيلي وأنَّ اتفاقا مشتركا بين الطرفين يقضي بالحؤول دون فتح جبهة الجولان مترافقا مع موافقة روسية بعدم كسر الستاتيكو السائد في الجولان بعد اتفاق الهدنة الذي ترعاه الامم المتحدة بين سوريا والعدو الاسرائيلي منذ العام 1973.
عقب بداية احداث سوريا عام 2011  كانت جبهة الجولان مع فلسطين المحتلة لا تزال تنعم بالهدوء المعتاد الا ان الدور الاسرائيلي في تسهيل مرور المسلحين وتسليحهم ودعمهم وفتح ابواب مشافي العدو الاسرائيلي في الداخل لمعالجة الجرحى من المسلحين الارهابيين هدف العدو من خلاله اقامة شريط حدودي على غرار الشريط الامني الذي كان مقاما في جنوب لبنان ابان الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982.
الا ان لبنان نجح بقوة المقاومة العسكرية بازالة الشريط الحدودي الذي انشأه العدو تحت تأثير الضربات العسكريه المتتاليه لرجال المقاومة اللبنانية ادت الى تكبيد العدو الاسرائيلي خسائر بشرية وعسكريه هائلة لم يستطع تحملها ما دفع العدو الاسرائيلي للانسحاب من الجنوب اللبناني في العام 2000  مرغماً ومجرجراً اذيال الخيبة والخسران والانكسار دون اي اتفاق او ترتيبات امنية او علم اسرائيلي يرفرف..
حصل ذلك لأول مرة في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي معلنا عن بداية هزيمة العدو الاسرائيلي وأثبتت المقاومة اللبنانية نظرية «ما اخذ بالقوة لا يسترد بغير بالقوة» وكانت فاتحة جديدة غيرت مجريات الصراع مع العدو.
صارت المقاومة القوة الرادعة للغطرسة الاسرائيلية واكتسبت المقاومة اللبنانية ثقة كاملة بالتنسيق مع الجيش اللبناني عسكريا مدعومة من قبل السلطة السياسية الرسمية اللبنانية متمثلة بفخامة المقاوم اميل لحود رئيس الجمهوريه ودولة المقاوم الرئيس الدكتور سليم الحص بعد ان كوّنا العنصر الرئيس الداعم لإنتصار لبنان والمقاومة اللبنانية على اعتى قوه عسكرية في المنطقة.
اما على الصعيد السوري جاءت فكرة انشاء مقاومة سورية شعبية في جبهة الجولان المحتل على غرار ما قامت به المقاومة اللبنانية في جنوب لبنان ونجاحها في الحاق الهزيمة بالقوة العسكرية للعدو الاسرائيلي، خصوصا اذا ما اخذنا بعين الاعتبار التواصل الجغرافي بين جبهتي الجولان المحتل مع جنوب لبنان بدء من القنيطرة وصولا للناقورة
استنادا لما تقدم نقول ونكرر ما قاله الشهيد القنطار في رسالته ان مشروع المقاومة الشعبية السورية قد سلك طريقه ولن يتراجع خصوصا في ظل رعاية و دعم واضح من السلطة السورية السياسية المتمثلة بسيادة الرئيس بشار الاسد ومن القيادة العسكرية المتمثلة بالمؤسسة العسكرية السورية التي كانت ولم تزل الداعم الاساسي لأي عمل مقاوم ضد العدو الاسرائيلي لتحرير واستعادة الارض العربية من الاحتلال.
اما من روج ويروج لوجود تفاهم او اتفاق روسي اسرائيلي على اغتيال او انهاء نمو المقاومة السورية انطلاقا من الارض السورية ضد العدو الاسرائيلي نقول ان مثل هذا الترويج او التحليل هو لزرع بذور الشك والتشويش على المقاومة وعمل ونمو المقاومة ولا يصب الا في خدمة العدو الاسرائيلي.. صحيح ان اسرائيل اغتالت المناضل سمير في ظل تواجد روسي في سوريا وبوجود منظومة رادار روسية متطورة، لكن لنتذكر ونسأل هل أن اغتيال الامين العام السابق الشيخ عباس الموسوي واغتيال المجاهد الكبير الحاج عماد مغنيه وولده المجاهد جهاد مغنيه ورفاقه والحاج حسن لقيس وغيرهم من القادة جاء في ظل تواجد عسكري روسي او بتوافق روسي اسرائيلي؟؟ وهل ان روسيا دخلت الى سوريا لمحاربة اسرائيل؟؟
واهم من يعتقد ان روسيا جاءت الى سوريا من اجل تحرير الجولان المحتل لان تحرير الجولان لن يأتي ثماره الا على ايدي السوريين انفسهم ولن يكون بمقدور اي كان حتى روسيا نفسها من الوقوف عائقاً بوجه ما اقرته شرعة الأمم وكل قوانين العالم التي تبيح العمل العسكري لمقاومة هدفها هو تحرير ارضها من الاحتلال..
صحيح ان لروسيا في المنطقة مصالح وخصوصا في سوريا، صحيح ان روسيا و«اسرائيل» ليستا في حال من العداء لكن لنتذكر اننا نحن كعرب في حال من الصراع الدائم مع العدو الاسرائيلي ونحن من يجب ان يكون في المقدمة وليس روسيا ولا اي دولة اخرى وللتأكيد على قدسية المقاومة فإن موضوع الدعم والحرص على المقاومه لم يغب عن محور اجتماع القمة الذي ضم السيد علي الخامنئي وفلاديمير بوتين في طهران وأن ايران ملتزمة بدعم المقاومة ضد العدو من الناحيه العقائدية والتزاما بالمبادئ الايرانية تجاه فلسطين.
إن المهمة الرئيسة للوجود الروسي العسكري في سوريا هو انقاذ سوريا الدولة من السقوط وأن تفرض نفسها لاعباً أساسياً على المسرح الدولي فقط، التكهنات والتحليلات والتسريبات المؤذية تصب في مصلحة العدو الاسرائيلي فإذا كان للروس مصالح ولإيران مصالح ومبادئ فيجب علينا ان نؤمن ان محور المقاومة من الجولان وصولا الى جنوب لبنان من القنيطرة حتى الناقورة صار متماسكا وفي وضع الحساب المفتوح مع العدو الاسرائيلي..
ما بدأه سمير القنطار واخوانه من المجاهدين في الجولان سوف يكمل ويكبر وينمو رغم تشكيك المشككين والضعفاء لأننا مؤمنون ان المقاومة ثم المقاومة هي السبيل الوحيد لتحرير كامل التراب العربي..
*مستشار وباحث في الشؤون الإقليمية