حتى الآن، لم يعد المعلمون حقوقهم.. والحكومة، تمسك بـ "القطارة" في تعاطيها مع هذا القطاع الهام والحيوي، ولا تريد في الوقت ذاته التعامل مع وزارة التربية كباقي الوزارات، رافعة شعار "كسر العظم" وتداخلت عوامل كثيرة في الاضراب المستم، فزادت التعقيدات، وأصبحت المسألة بفعل سياسات "النكاية" و "التجاذبات" و "صراعات المواقع" و "الحفر تحت الأساسات".. تمسكا بـ "الكراسي".. مع أن مثل، هذه الاضرابات تستدعي الجرأة في التعاطي، فأما حل ينصف المعلمين وبما فيه مصلحة الطلبة، واما اعلان العجز وعدم القدرة والوفاء بالعهود، ومن الرحيل والتخلي عن المقعد.
قضية المعلمين أدخلها المتصارعون على المشهد السياسي في ميدان التنافس، تتجاذبها الخيوط ولعبة "الاصطياد في المياه العكرة"، هناك، واجهات وقيادات سياسية وراء تسخين المشهد، ودخلت دول في الاقليم على خط هذا المطلب النقابي العادل، هذه القضية يمكن حلها بهدوء وبأسرع وقت اذا خلصت النوايا، وابتعد الادعياء وأصحاب المصالح عن هذا المشهد، فهناك، من يريد اسقاط الحمدالله وحكومته من خلال اضراب المعلمين، والبعض يحفر من تحت أساسات القيادة والمشهد السياسي برمته، والحمدالله وحكومته ماض في معركة غير عادلة لـ "كسر العظم" ضد المعلمين، يرى فيها الرد على من يحاول اسقاطه وحكومته، وصاحب القرار الفصل لم ينزل بعد لتسوية الوضع، في حين، لم تتوقف "التقارير" و "الشكاوى" و "الوشوشات" و "الدسائس" من جانب المتصارعين على مقاعد الحكم، وحتى من داخل دوائر صنع القرار العليا.
ـ تدخل مركزية فتح ـ
ومن منطلق الحرص على العملية التربوية وحقوق المعلمين، نرى ان بيان اللجنة المركزية لحركة فتح الذي طالب المعلمين بالعودة "فورا" الى مدارسهم، جاء ليعقد الوضع، وهو لا يساهم في انهاء الاضراب. بيان اللجنة المركزية يمكن توجيهه الى قاعدة تنظيم فتح، وليس الى قطاع المعلمين، وكان من الأفضل أن يدعو الى حل عادل للمطلب النقابي، و "التمني" على المعلمين بفك الاضراب، وأن "تشمر" اللجنة المركزية عن ساعدها، وتضغط على الحمدالله، لانهاء تصلبه، وعدم ربط الاضراب، بالدفاع عن منصبه، مع أن هذا الاضراب كفيل برحيله عن الوزارة، ما دام غير قادر في حواراته مع المعلمين على انهاء المشكلة، واضعا نصب عينيه الحرص على العملية التعليمية.
أما أن يطالب بيان المركزية المعلمين بالعودة "فورا" الى مدارسهم، فهذا أساء، ولم ينفع، فالمعلمون ليس جميعهم من حركة فتح، حتى يلزمهم هذا البيان، كما أن من هم في تنظيم فتح، أو من أنصاره ليس جميعهم يقبلون بحلول الحمدالله، وبمعنى أوضح وادق، بيان لجنة مركزية فتح هو أمر تنظيمي غير ملزم لقطاع المعلمين، هذا من جهة، ومن جهة ثانية، مثل، هذا البيان، هي من مهمة الحكومة ووزارة التربية والتعليم، هذا ، اذا أغلق الحمدالله الأبواب في وجه المطلب النقابي، عندها، من صلاحياته أن يصدر البيان والمطالبة بالعودة "فورا" ، حينئذ يأتي رد المعلمين، بالالتزام ببيان الحكومة أو رفضه.
ان الوضع في ما يتعلق باضراب المعلمين ازداد تعقيدا، هناك اصرار من جانبهم بالحصول على كامل حقوقهم، ووزارة الحمدالله تصم آذانها، وماضية في موقفها حتى النهاية أي "كسر عظم"، وهذا الموقف غير سليم أو منطقي في مثل هذه الحالات، لذلك، الحمدالله أمام خيارين، اما الاستقالة واما الاستمرار الجدي في الحوار والتعاطي بحرص ومسؤولية مع القطاع التعليمي، دون اخراج العملية عن مسار السليم، أي، بعيدا عن دخول المواجهة حفاظا على الكرسي، ويبدو أن تعقيد الأمور، والخوف من الانزلاق في "المحظور"، وخشية من الاستغلال الرخيص لمطالب المعلمين، والدفع بها الى ميدان التنافس على المواقع، والتشبث بمنصب رئاسة الحكومة، فان التحرك السلم في هذه المرحلة، وفي ضوء المحاذير والمخاوف المتصاعدة، هو أن يضع الرئيس حدا لما يجري.. قبل فوات الاوان، وحتى لا تنحرف المسألة برمتها، عن مسارها الصحيح!!