2024-11-30 02:27 م

ملف المصالحة.. أوراق متساقطة بفعل سياسات خائبة؟!

2017-08-25
القدس/المنـار/ إصفرت أوراق "ملف المصالحة"، وبدأت تتساقط من كثرة الأيدي التي عبثت به، والمحطات الكثيرة التي تنقل بينها، عبث يدغدغ عزاطف الفريقين المتصارعين، المستفردين في جناحي الوطن لعدم وجود طرف ثالث قوي، يطيح بهما بعيدا عن دفة الحكم الموزع بينهما، في قطاع غزة والضفة الغربية.
ملف المصالحة في الساحة الفلسطينية مجرد يافطة ترفع في المناسبات خاصة تلك المقلقة لطرفي الصراع، كما حصل خلال معركة الأقصى، أصابهما رعب الاقصاء والاطاحة، فسارعا الى اطلاق تصريحات الحرص على وحدة الساحة، وضرورة انهاء الانقسام، وهي ادعاءات كاذبة وفارغة، فلا حرص حقيقيا لديهما!!
ويستغل الجانبان هذا الملف، لـ "التنغيص" و "المجاكرة" و "التنكيد".. وهي ركائز باتت تستند اليها سياسة الحكم في غزة ورام الله، وجزءا من السياسة المنتهجة من جانبهما، وهذا النهج أفقدهما الكثير ووضعهما على حافة الهاوية، يخشيان السقوط، ويتمنيان قشة انقاذ!!
عودة الى هذا الملف "الحزين" نجد أن مشيخة قطر ــ ولها دالة كبيرة مؤثرة على رام الله وغزة ــ قد طلبت من طرفي الانقسام والهوان ترحيل الملف الى النظام العثماني في أنقرة، هذا النظام الذي تربطه علاقات تلاحم قوية مع اسرائيل، وأحد رعاة الارهاب المدمر التكفيري في المنطقة وعضو في حلف الناتو الذي تقوده واشنطن.
قبل الايعاز القطري بنقل هذا الملف الى تركيا، كانت السلطة وخلال لقاء وزراء الخارجية الثلاثي الفلسطيني الاردني المصري، قد رحبت برعاية مصر هذا الملف وعودته اليها، وفجأة وبعد أقل من ثلاثة أيام تغير المكان وتغير الراعي، واشتغل المتصارعان على خط تركيا وعلى أعلى المستويات، وكأن أردوغان المنقذ الأعظم وبطل انهاء الانقسام الذي أصبح نهجا للحكم في رام الله وغزة.
ما هي دواعي نقل هذا الملف الى أردوغان؟! سؤال تطرحه الكثير من الدوائر، ويثير حيرة الفلسطينيين في ساحات تواجدهم المختلفة.
فتركيا حاضنة رئيسة لجماعة الاخوان، كما هو الحال بالنسبة لمشيخة قطر، وكلتاهما لا تريدان مصالحة حقيقية، بين حماس والسلطة.. لكن، المتصارعان لا يرفضان دعوة أو مطلبا لحكام المشيخة القطرية، وهي الاخرى راعية للارهاب، اذا، ما هي الدوافع التي دفعت قيادة السلطة لترتيب زيارة عاجلة لرئيسها الى أنقرة، ولقاء أردوغان العائد لتوه من العاصمة الأردنية، بعد زيارة لعمان لم تسفر عن شيء يذكر، لذلك جاء البيان الختامي خائبا، وأردوغان الذي تربطه علاقات أمنية وعسكرية واقتصادية قوية مع تل أبيب مصاب بالاحباط، بسبب فشل خططه وبرامجه على الارض السورية وهو الذي فتح أراضي تركيا على امتدادها لعبور المرتزقة الارهابيين وبعشرات الالاف الى الاراضي السورية لمحاربة الشعب السوري، بحاجة الى "هيصة" اعلامية، يحققها له ملف المصالحة الفلسطينية، ومواساة من تميم المشيخة الذي يقف وراء نقل هذا الملف الى البلاط العثماني. السلطة الفلسطينية تعرف تماما كل ما ذكرناه، والظروف التي تحيط بالمنطقة وهي تحت ضغوط رهيبة، قد تطيح بمشهدها، وتدرك أيضا أن حماس لن تتخلى عن حكم غزة، فلماذا هذا الحشد القيادي الذي يتردد على أنقرة؟!
هناك عدة عومل تدفع القيادة الفلسطينية لولوج الباب التركي، من بينها، كما تقول بعض الدوائر، الضغط الامريكي الممارس عليها للقبول بسلام اقتصادي "ناقص" في اطار تسوية مذلة يحملها صهر الرئيس الامريكي كوشنير، فهل الحجيج الى تركيا هو للتغطية على ذلك، هذا أحد العوامل، والدافع الثاني، هو الرد على مصر التي لم تمنح القيادة الفلسطينية ما تريده، وتعتبره القاهرة تدخلا في شأنها الداخلي، فلجأت هذه القيادة الى خصوم مصر داعمي الارهاب الذي يضرب من حين الى آخر في الساحة المصرية، وكما قلنا مرارا، هذه سياسة خاطئة اتجاه دولة مصر ذات التأثير والدور الريادي، والداعم التاريخي لشعب فلسطين وقضيته، والدافع الثالث، هو محاولة من السلطة الفلسطينية لمحاصرة التقارب الذي ترسم عناصره في القاهرة بين حركة حماس وجماعة المفصول من فتح محمد دحلان، والذي شكل أحد أسباب الضغط الاقتصادي الذي تمارسه السلطة على حماس ويمس أبناء قطاع غزة.
تقول دوائر سياسية أن قيادة السلطة تحاول انجاز مصالحة ولو شكلية مع حماس، تفرط عقد التقارب بين الحركة ودحلان، توقف بعدها اجراءات الضغط على غزة، لفترة قصيرة على الاقل حتى تتضح مضامين الجهود الامريكية لاطلاق عملية السلام مجددا، وفي ذات الوقت تضع حدا لمقولة عدم وجود شريك فلسطيني التي ترددها القيادة الاسرائيلية، وكذلك، رسالة الى مصر التي بدأت منذ فترة نسج علاقات جديدة مع حركة حماس، عنوانها، كف الحركة عن المس بأمن مصر القومي، لتفتح لها أبواب معبر رفح، تخفيفا للحصار الخانق، لكن الدوائر ذاتها، ترى أن هذه السياسة من الصعب أن يكتب لها النجاح لأسباب عديدة، فالمحور المؤثر في المنطقة، صاحب العلاقة الجيدة مع الولايات المتحدة، يبدو أنه اتخذ قرار اسقاط المشهد السياسي الفلسطيني، الذي لن يقبل، بتلبية طلبات المشرف على هذا المحور وأعضائه، وأيضا، فان حماس التي اختطت منذ فترة سياسة جديدة في علاقاتها خاصة مع مصر، ورغبتها الدخول باتجاه المحور السعودي الاماراتي، وعدم ثقتها بقيادة رام الله، تعلم جيدا أن المصالحة لن تتحقق وهذه رغبتها، وهي تتشبث بالموجود بين يديها، "فتح المعبر وأموال والامارات، بعد حصار المشيخة القطرية"، ولا تضمن وعود رام الله.. مع أن من الخطأ القاتل بناء السياسات على أوهام الوعود. 
وفي النهاية، فان ملف المصالحة، ينتظر محطة جديدة، ويستمر في الدوران في حلقة مفرغة، مع ضرورة الانتباه هنا الى أن الاعصار الامريكي الخليجي قادم ليضرب الساحة الفلسطينية، ربما  بمشهديها السياسيين في غزة ورام الله، حيث الحصار والاحباط.