2025-05-25 05:59 ص

تحالف امريكا مع الاخوان في رسم خارطة الشرق الاوسط فشل في كسر الارادة السورية

2012-09-04
القدس/ خاص بـ المنــار/ الدوائر الامريكي التي راقبت موجة الاحتجاجات في تونس وأدت الى رحيل الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي عن السلطة، أدركت أن هناك أهمية كبيرة للمبادرة وأخذ زمام الامور عبر اختيار طرف منظم قادر على السيطرة على الاوضاع، وهنا وقع الاختيار على جماعة الاخوان المسلمين، لعقد الاتفاق معها، والرهان عليها في رسم الشرق الاوسط الجديد، فهذه الجماعة هي الوحيدة التي واصلت نشاطاتها بشكل سري وحافظت على اتصالاتها مع افرادها وكانت عبارة عن تنظيم سري، نجح في التأقلم مع ملاحقة الانظمة السياسية في العالم العربي له ولافراده، وكان الرهان الامريكي صائبا ونجح المد الاسلامي في تحقيق انتصارات متتالية في العديد من الساحات التي انتفضت، بشكل خاص في مصر ، الساحة الثانية بعد تونس. 
فمن اللحظة الاولى ادركت الولايات المتحدة أن الجهة السياسية الأكثر تنظيما في الساحة المصرية والقادرة على تحقيق فوز في أية انتخابات برلمانية أو رئاسية هي حركة الاخوان المسلمين، خاصة في ظل الانقسام في المعسكر الليبرالي وكانت النتائج مرضية. بدورها أدركت دول اوروبا أن عليها اللحاق بالولايات المتحدة لتحقيق بعض المكاسب والاستفادة من توزيع "غنائم" الشرق الاوسط، وهنا دخلت فرنسا بقوة وكان لها الدور الاساس والمؤثر في افتعال الازمة الليبية وعملت الاستخبارات الفرنسية باوامر من ساركوزي انذاك وبالتعاون مع مفكرين ومروجين للافكار الثورية على تحشيد المواطنين في المدن الليبية، وبشكل خاص في بنغازي وفصلها عبر اجراءات اطلسية عن باقي انحاء البلاد.
ورغم أن ما شهدته ليبيا كان انقلابا بقوة السلاح على السلطة المركزية ـ كالانقلابات التي كانت الاستخبارات الامريكية والفرنسية تشرف على رسم سيناريوهاتها في دول العالم الثالث ـ الا أن المروجين للافكار الثورية وعبر وسائل الاعلام صاحبة الحضور في الساحات العربية كالجزيرة القطرية نجحت في منح الغطاء الثوري الشعبي لانقلاب وتمرد عسكري دموي.
وفي المغرب أدرك الملك حقيقة ما يدور في الكواليس من تفاهمات واتفاقيات بين الاخوان والولايات المتحدة فقرر أن يخفض رأسه أمام عاصفة الاسلام السياسي ووافق على تشكيلهم لحكومة اسلامية تدير شؤون البلاد. واتسعت منظومة العمل لرسم الشرق الاوسط الجديد ودخلت اسرائيل وجهات عربية على خط الازمات ولان الامر يحتاج في بعض الاحيان لغطاء عربي كما حصل في ليبيا، تم اشراك الادوات العربية المطيعة كالسعودية وقطر لتوفير هذا الغطاء العربي الاعلامي والسياسي والمالي، النظام السعودي الذي شعر بصدمة بعد رحيل بن علي عن الحكم في تونس لم يتردد في اطاعة الاوامر الامريكية مقابل عدم التعرض للعائلة المالكة. وفي سوريا بدأت بعض الجهات واستغلالا للحالة العربية وما يجري في الساحات الاخرى التحريض ضد النظام والمطالبة بالاصلاح ومحاولة تنظيم التظاهرات والمسيرات الحاشدة، الا ان ذلك لم يحقق الهدف المنشود وكانت التظاهرات محدودة من حيث حجم المشاركة والشريحة المشاركة في هذه التظاهرات، وكانت هناك حالة من الرفض الشعبي، فقررت الجهات الداعمة لاستمرار التحشيد الشعبي استخدام وسائل استخدمت في ساحات اخرى وحققت عائد مهم مهد الطريق امام استبدال النظام وتولي الاخوان زمام الامور، فبدأت عناصر مسلحة استهداف التظاهرات والمتظاهرين لتصعيد التوتر واثارة الرأي العام السوري. لكن النتيجة لم تكن مرضية فالرغبة هنا ان تكون عملية سقوط النظام سريعة، وتبين للدوائر  الاستخبارية المختلفة بأن الاخوان لا تمتلك بنية تحتية حقيقية قادرة على التأثير على مجريات الاحداث في هذه الدولة، لذلك بدأ ضخ السلاح الى الداخل السوري واقامة مجموعات مسلحة لتكرار السيناريو الليبي وفرض مناطق حظر جوي واقامة مناطق عازلة ومحميات تديرها الجماعات المسلحة وتحميها الدول المشاركة في رسم الشرق الاوسط الجديد، لكن هذا السيناريو لم ينجح ايضا، بسبب عدم القدرة على فصل الجيش السوري عن النظام، وطالت الازمة السورية، وادركت دول مؤثرة في العالم كالصين وروسيا بأن الولايات المتحدة وبعض الدول الاوروبية تحاول الانفراد في رسم شكل الشرق الاوسط الجديد واستبعاد اي مشاركة للدولتين المؤثرتين على الساحة العالمية، فكان تدخلهما بشكل ذكي عبر توفير الغطاء المطلوب لسوريا في مجلس الامن ومنع تكرار السيناريو الليبي عبر تدخل خارجي يسقط النظام السوري.
وبعد هذه الاشهر الطويلة من عمر الازمة السورية، تنتظر روسيا والصين انتهاء المعركة الانتخابية الرئاسية في الولايات المتحدة ، وهما تدركان بان الادارة الامريكية الجديدة سواء برئاسة اوباما أو برئاسة منافسه من الحزب الجمهوري، ستتلقى اي حل سياسي يحفظ ماء الوجه الامريكي في سوريا، ولن ينسى حلفاء اوباما الجدد في الشرق الاوسط "جماعة الاخوان المسلمون" ان يقيموا الصلوات الخاصة من أجل دعم اوباما املا في أن يتمكن من تحقيق الفوز على منافسه.
لكن، هناك من يرى أن سوريا ستبقى جزيرة حليفة لروسيا وايران والصين والمقاومة في بحر الشرق الاوسط الجديد المليء بالاسلام السياسي المتحالف مع الولايات المتحدة.