2024-11-26 06:00 ص

هل تحول السودان إلى ساحة حرب بالوكالة بين السعودية والإمارات؟

2023-07-15

نشرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، تحليلا حول الصراع غير المعلن بين الإمارات والسعودية، في الساحة السودانية.

وقالت المجلة في التحليل الذي كتبه الباحث السياسي طلال محمد، إن المنافسة الإماراتية السعودية تتصاعد في السودان، مع تجاهل قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وقائد "الدعم السريع" أحمد حمدان دقلو "حميدتي" الاتفاقيات المتعلقة بوقف إطلاق النار.
ولفتت المجلة إلى أن الحرب التي اندلعت منتصف نيسان/ أبريل الماضي، تسببت في خسائر باهظة على المستوى البشري والمادي.

إضافة إلى تشريد أكثر من 2 مليون نسمة من منازلهم في السودان.

ليس مجرد صراع داخلي
بحسب التحليل، فإن الصراع في السودان أوسع من كونه محليا، فالبلد الغني بالموارد الطبيعية، والذي يربط بين الشرق الأوسط وأفريقيا، يعد ساحة تنافس لعدة جهات دولية.

وبحسب "فورين بوليسي"، تنظر السعودية والإمارات إلى الصراع في السودان، على أنه فرصة لتعزيز نفوذهما هناك.

وبالتالي، قامت السعودية بدعم القوات المسلحة، فيما ذهبت الإمارات لدعم الخصم المتمثل بـ"الدعم السريع".

يضيف التحليل: "نظرا لشرعية البرهان الدولية، فإن فرص انتصار قوات الدعم السريع على الجيش السوداني ضئيلة، ومن المرجح أن البرهان وحميدتي يعملان الآن على إنشاء مناطق سيطرة متنافسة في السودان تحاكي الوضع في ليبيا، حيث أدى التنافس المستمر بين مختلف الفصائل السياسية والعسكرية إلى إنشاء دولة مجزأة ذات مراكز قوة متعددة".

في حال تحقق مثل هذا السيناريو، ستكون قوات الدعم السريع شوكة في خاصرة البرهان وداعميه الخارجيين - مما يمنح الإمارات نفوذا إضافيا في مستقبل البلاد ويساعد على ترسيخ أبوظبي كقوة بارزة ناشئة في الخليج، بحسب "فورين بوليسي".

وتابعت المجلة: "كانت الرياض وأبوظبي حليفين واضحين لعقود، لكن علاقتهما حملت أيضا مؤشرات على المنافسة المتصاعدة بينهما على النفوذ الإقليمي".
وأردفت: "تطلبت التوترات داخل الشرق الأوسط من السعودية والإمارات إعطاء الأولوية للشراكة على المنافسة لكن الآن، وبينما تقوم الرياض بتطبيع العلاقات مع خصمها اللدود طهران ويبدو أنها تتوسط في لبنان وسوريا وكذلك بين الأحزاب السياسية الفلسطينية المتناحرة، زاد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان من وتيرة تنافسه مع الإمارات إلى حد ما".
تستخدم التغييرات الاقتصادية في دعم طموحات التغييرات الجيوسياسية، ففي السنوات الأخيرة، ركزت السعودية والإمارات على تنويع اقتصاداتهما بعيدا عن النفط، وإقامة أدوار إقليمية ودولية أكثر بروزا في الطيران والرياضة والبنية التحتية وغيرها من المجالات.

تحولت الرياض في عهد محمد بن سلمان من دولة يسيطر عليها الإسلام إلى القومية المفرطة، في حين تبنت أبو ظبي في عهد الرئيس محمد بن زايد سياسة ثقافية تعزز التنوع والقبول الديني.

بدأت أبو ظبي والرياض في المواجهة عام 2009، عندما اختلفتا بشأن مكان استضافة موقع البنك المركزي المقترح لمجلس التعاون الخليجي، والذي كان من شأنه أن يعزز اقتصادا خليجيا أكثر تكاملًا وعملة مشتركة.

وافق المجلس على أن تستضيف دولة الإمارات البنك، قبل أن تنسحب الرياض من الخطة في اللحظة الأخيرة دون تفسير.
لم يؤت البنك ولا العملة ثمارهما منذ ذلك الحين، وقد انفجرت التوترات بين السعودية والإمارات على السطح وفي بعض الأحيان بعنف.

تعتبر الإمارات شريكا في حرب المملكة المستمرة ضد الحوثيين في اليمن ولكن منذ بدء الصراع في عام 2015، تباينت أهداف الرياض وأبوظبي تدريجيا، حيث دعمت الرياض حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي المعترف بها دوليا في حين اختارت أبو ظبي دعم المجلس الانتقالي الجنوبي، وأعطى هذا دولة الإمارات السيطرة على العديد من الموانئ والجزر اليمنية - وبالتالي الوصول إلى مضيق باب المندب والقرن الأفريقي، بحسب "فورين بوليسي".

في عام 2019، اندلعت اشتباكات شرسة بين المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات هادي في محاولة للسيطرة على مدينة عدن الساحلية، لكن التنافس السعودي الإماراتي في اليمن لم يقتصر على الموانئ بل قالت التقارير المسربة عام 2018 إن الرياض خططت لبناء خط أنابيب ينقل النفط السعودي إلى ميناء يمني على الحدود مع عُمان، مما كان سيقلل من خطر أي تهديدات إيرانية عن طريق تجاوز مضيق هرمز.

تنافس كبير في السودان
بحسب المجلة، في السنوات الأخيرة، وسعت السعودية والإمارات من المنافسة بينهما لتشمل أفريقيا وعلى وجه الخصوص السودان الغني بالموارد والموقع الاستراتيجي.
لعبت دول الخليج دورًا مهمًا في السودان منذ الإطاحة بالبشير حيث مولت أبو ظبي والرياض على الفور المجلس العسكري الانتقالي، المجلس الذي تولى السلطة، بما قيمته 3 مليارات دولار من المساعدات.

في ذلك الوقت، كانت المصالح السعودية والإماراتية في السودان متوافقة بشكل عام، وكلاهما ساعد في لعب دور في التحول الديمقراطي قصير الأمد في البلاد، كما انتزعت الدولتان تنازلات من الخرطوم تمثلت في تقديم السودان دعمًا عسكريًا للسعودية في اليمن، وتوسطت الإمارات في انضمام الخرطوم إلى الاتفاقات الإبراهيمية.

استثمرت المملكة والإمارات لفترة طويلة في الاقتصاد السوداني حيث استثمرت أبوظبي اعتبارًا من عام 2018 وبشكل تراكمي 7.6 مليارات دولار في السودان ومنذ سقوط البشير، أضافت الإمارات استثمارات أخرى بقيمة 6 مليارات دولار تشمل مشاريع زراعية وميناء على البحر الأحمر.

في تشرين أول/ أكتوبر 2022، أعلنت الرياض أنها ستستثمر ما يصل إلى 24 مليار دولار في قطاعات الاقتصاد السوداني بما في ذلك البنية التحتية والتعدين والزراعة. باعتبارهما من القوى المهيمنة الناشئة في الشرق الأوسط، فإن الرياض وأبو ظبي الآن على خلاف - فكل منهما يسعى للسيطرة على موارد السودان وطاقته وبوابات الخدمات اللوجستية من خلال التوافق مع البرهان وحميدتي، على التوالي.
بالرغم من أن مصالحهما في السودان كانت متوافقة في البداية - لا سيما عندما ظل البشير محايدًا أثناء الحصار السعودي الإماراتي على خصمهما قطر - سعى البرهان منذ ذلك الحين إلى إذابة جليد العلاقات مع الدوحة.

اكتسبت الإمارات الثقة في حميدتي لأن مقاتلي قوات الدعم السريع كانوا نشطين في جنوب اليمن منذ عام 2015، وفي عام 2019 امتدوا إلى ليبيا لدعم الجنرال خليفة حفتر، أحد القادة المنافسين في البلاد المدعوم من أبو ظبي.

بينما تعاونت السعودية مع مصر في دعم البرهان، تعاونت الإمارات مع روسيا في دعم قوات الدعم السريع من خلال مجموعة فاغنر شبه العسكرية.

التزمت أبو ظبي الصمت بشأن تحالفها مع قوات الدعم السريع، لكن التقارير تشير إلى أن حميدتي تصرف كحارس للمصالح الإماراتية في السودان، وحراسة مناجم الذهب التي تسيطر عليها شركة فاغنر. ثم يتم شحن الذهب من هذه المناجم إلى الإمارات في طريقه إلى روسيا.

سرعان ما تعززت العلاقة الثلاثية بين الإمارات وقوات الدعم السريع وروسيا عبر مجموعة فاغنر من خلال غزو روسيا لأوكرانيا في شباط/ فبراير 2022، عندما أصبحت موسكو أكثر اعتمادًا على الذهب والموارد المالية الأخرى للتخفيف من تأثير العقوبات الغربية.

بالنسبة للرياض، فإن النصر الكامل للجيش السوداني من شأنه أن يعزز مكانتها كقائد في العالمين العربي والإسلامي. وبالنسبة للإمارات، فإن أي مكاسب لقوات الدعم السريع تخلق نفوذًا لإضعاف قبضة الرياض على الشرق الأوسط - وهو ما سيكون بمثابة انتصار لأبو ظبي.
تقول المجلة، إن صعود محمد بن سلمان الذي خلصت المخابرات الأمريكية إلى أنه أمر بقتل الصحفي جمال خاشقجي عام 2018، تسبب في أن تصبح العلاقة بين الرياض وصانعي السياسات الأمريكيين فاترة في السنوات الأخيرة وأعطى هذا دولة الإمارات فرصة ذهبية لتحل محل الرياض كحليف عسكري خليجي مفضل لواشنطن.

وتعززت مكانة أبو ظبي عندما وقعت اتفاقات أبراهام التي رعتها الولايات المتحدة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل في عام 2020 وتروج الولايات المتحدة حاليا للتطبيع السعودي الإسرائيلي.
وفي الوقت الذي علقت الولايات المتحدة فيه مبيعات الأسلحة إلى المملكة بسبب الحرب في اليمن، اختارت إدارة ترامب توريد طائرتها المقاتلة الأكثر تقدما، F-35، إلى الإمارات - على الرغم من أن إدارة بايدن أوقفت البيع مؤقتا للمراجعة.

إذا نجحت الصفقة، فإنها ستجعل الإمارات أول دولة عربية تمتلك هذه الطائرة.
المصدر: عربي ٢١