فخلال الحكم العسكري في تركيا، بنت أنقرة أطماعها على مجموعة من التحالفات والمعاهدات والاتفاقيات العسكرية التي تسعى من خلالها الى مزاحمة أدوار الكبار في المنطقة، والتفوق عليها كمصر وايران مستعينة باسرائيل وحلف الاطلسي.
ومنذ وصول اردوغان وحزب العدالة والتنمية الى الحكم بدأ باستغلال الدين والعاطفة الاسلامية للتقرب من الجيران، للتغلغل في الساحات العربية، مستغلا أقصر الطرق الى قلوب العرب وهو العداء لاسرائيل، قناعا سقط مؤخرا، لنكتشف عمق العلاقة وعضويتها بين أنقرة وتل أبيب وواشنطن وكيف ان القيادة التركية قد خدعت الشارع العربي.
وتمكنت تركيا في فترة قصيرة نسبيا من التحول الى عنصر مؤثر في الساحات العربية التي غاب عنها التأثير التركي سنوات طويلة.
وتركيا التي التحقت سريعا لتشارك حلم الرئيس الأمريكي باراك اوباما في رسم خارطة جديدة للمنطقة خدمة للمصالح الامريكية الصهيونية ، تنتظر ثمن هذا الالتحاق ، وما تمارسه من عداء للامة العربية ما زال مستمرا حتى الآن، لذلك، يتمنى أردوغان أن يبدأ الرئيس اوباما توزيع الغنائم آملا بمشاركة اسرائيل في حكم المنطقة، كل بأساليبه ووسائله، خاصة بعد أن سقط قناع التوتر الكاذب بين أنقرة وتل أبيب، ليشهر اوباما علاقة الحب بين القيادتين التركية والاسرائيلية.
والسؤال الذي يطرح نفسه ، هنا، هو: على حساب من هذا الصعود ، واي الادوار سقطت وتلك التي تتمنى أنقرة سقوطها؟!
هذا الصعود هو على حساب العراق وسوريا ومصر، وبعد ذلك، الانتقال الى مزاحمة ايران من خلال دور مرسوم لحكام تركيا مساند للعداء الامريكي الصهيوني لايران.
ولا أحد ينكر أن مصر عندما "كانت" بعيدة عن الفوضى وحالة عدم الاستقرار، وعصية على عبث حكام الخليج، لم تنجح أنقرة في مزاحمة القاهرة ودورها، لكن، الربيع الاطلسي اسقط مصر من حسابات التنافس التركية، واليوم تتمنى تركيا تدمير سوريا، وتجتاز معضلة "النظام السوري" وأن تصبح المسيطرة على هذا الفلك.
وأطماع تركيا لن تتوقف عند هذا الحد، بل هي تتطلع الى ايران، وتتمنى أن تقوم الولايات المتحدة بدور ما في طهران لتنضم هي الاخرى الى الدول التي عصفت بها رياح الربيع الاطلسي، لذلك، تنسق أنقرة مع واشنطن وتل أبيب للقيام بعمليات تخريب في الساحة الايرانية، وهي تدرك أن هجوما عسكريا على ايران ليس بالامر البسيط والسهل، وهي ايضا تتمنى هزة داخلية في طهران تبعث الامل في قلوب العثمانيين الجدد، وفي هذا الاطار والسياق جاء "صلح اوباما" بين نتنياهو واردوغان.
ان غزوة اوباما للشرق الاوسط كانت غزوة سياسية وعسكرية ، والخطوة الوحيدة التي افصح عنها هي الصلح بين انقرة وتل أبيب، أما باقي الخطوات، فلن يكشف عنها بعد، لكن، هناك دور تركي قادم لن يكون أقل من الادوار العسكرية والامنية التي تقوم بها تركيا منذ هبوب رياح الربيع الاطلسي، وأية خطوة سنشهدها من جانب القيادة التركية يجب ان نضعها في القالب الامريكي فقد يكون الغلاف بالوان العلم التركي، لكن، المضمون هو امريكي صهيوني بامتياز، ولا نستبعد خطوات ثنائية تركية امريكية قريبا في ملف الصراع العربي الاسرائيلي، وسوف يحقق الدور التركي الكثير من الايجابيات بالنسبة لاسرائيل، وسيكون لانقرة دور مهم في الترتيبات على معبر رفح ، بالمشاركة مع مصر ، كما سيحقق الدور التركي انجازات فيما يتعلق بتخفيف الحصار عن غزة، لكن، ليس بالشكل الذي يأمل به الفلسطينيون.