وتقول دوائر سياسية مطلعة لـ (المنــار) أن مشروع أردوغان السياسي يواجه اليوم خطرا كبيرا في داخل تركيا، وانعكاسات ذلك لن تقتصر على تركيا وحدها، فطريقة المواجهة والتعاطي مع الاضطرابات التي تشهدها المدن التركية، هزت صورة أردوغان وحزبه، وهو سيواجه صعوبة بالغة في الترويج لنفسه اذا ما تجاوز الأزمة كمعلم للاجيال الاسلامية في مبحث الديمقراطية الذي وضعته له دوائر الاستخبارات الأمريكية. فحالة الاضطراب وعدم التوازن التي يتعامل أردوغان على أساسها مع المتظاهرين سيكون لها ارتداداتها وانعكاساتها الخطيرة جدا، حتى فيما يتعلق بالأزمة السورية، وهذا ما سنراه في الأسابيع القليلة القادمة.
وعودة الى زيارة أردوغان الى غزة، فان حركة حماس تعلق امالا كبيرة على هذه الزيارة، وكشفت مصادر سياسية مطلعة لـ (المنــار) أن أردوغان تمكن خلال زيارته مؤخرا الى الولايات المتحدة ولقائه بالرئيس الامريكي باراك اوباما من تسويق حركة حماس وانتزاع مباركة امريكية لمهمته على "جبهة حماس" التي تقوم على استكمال عملية "تدجين" الحركة حسب مفاهيم الاسلام السياسي في تركيا، استكمالا لصورة انتشار عمل الاسلام السياسي في المنطقة العربية. وترى حركة حماس في هذه المباركة التي حصل عليها أردوغان شهادة مهمة من جانب أمريكا، تزيل الكثير من العوائق في طريق تسويق نفسها في دوائر الدبلوماسية الأوروبية والأمريكية، فأردوغان الذي وعد فيادة حماس بفتح قنوات واسعة من الحوار بين الحركة التي تسيطر على غزة وعواصم الدول الغربية يتبنى بعض المواقف والتفاصيل الصغيرة، لكنها، ذات مدلول كبير يحاول من خلالها ملامسة المطالب الأمريكية التي تعيق تحرك حماس باتجاه الساحات الأوروبية والأمريكية، وذلك من خلال بعض المواقف والآراء التي ستصدر عن قيادات في الحركة عبر الأبواق الاعلامية الغربية، في الاسابيع القليلة القادمة.
وأضافت المصادر أن هناك توجيات من جانب تركيا وبعض قيادات الاخوان المسلمين لحركة حماس بالعمل على فتح جبهة من العلاقات العامة لشرح مواقفها التي ستعكس جنوح الحركة نحو الاعتدال سواء من حيث الطرح الذي سيلامس الى حد كبير طروحات تتبناها معظم الدول الاوروبية وأمريكا فيما يتعلق بحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي من حيث الدولتين لشعبين، ونبذ العنف والتأكيد على أن اللغة التي تتبناها الحركة في المستقبل هي لغة الحوار، كما أن أردوغان يبني كثيرا على قدرة حماس اللافتة في ضبط الأوضاع الامنية في غزة ومحافظة الحركة منذ انتهاء حملة "عمود السحاب" على حالة الهدوء ولو بشكل نسبي وملاحقتها للعناصر المتطرفة وتمسكها بالتفاهمات التي تم التوصل اليها في القاهرة لانهاء الحملة العسكرية الاسرائيلية على القطاع.
وترى حماس أن زيارة أردوغان المرتقبة للقطاع ستكون الموعد والتاريخ المنشود الذي سيكسر الحصار المفروض من جانب اسرائيل على غزة، وسيدخل القطاع في مرحلة جديدة ستجعل حالة العبء الاقتصادي الذي يعاني منه الشارع في غزة يتراجع وينخفض تدريجيا مما سيساهم في تمكين حكم حماس بصورة أكبر. الا أن الاضطرابات التي تشهدها تركيا وتراقبها حماس باهتمام حالها كحال العديد من الأنظمة الاخوانية التي وصلت الى الحكم أو تلك الجماعات الاخوانية التي ما زالت تتطلع الى الحكم، فهذه الاضطرابات وطريقة التعامل معها وحالتها التصاعدية المفاجئة أدخلت العديد من المسائل تحت العدسة المكبرة.