القدس/المنــار/ وصفت مصادر دبلوماسية في القاهرة الأوضاع داخل حركة حماس بالمشدودة والعصبية، وأن القيادات السياسية للحركة مختلفة فيما بينها حول مسائل عديدة من بينها الأزمة السورية، هذا الخلاف بدأ يتصاعد، بعد فترة من الوقت نجح فيها رئيس المكتب السياسي خالد مشعل في تمرير الكثير من القرارات المتعلقة بالعلاقة بين حماس ودمشق.
وتقول هذه المصادر لـ (المنــار) أنه كلما تزايدت نجاحات الجيش السوري ضد العصابات الارهابية، كلما تصاعدت الأصوات المنتقدة لمشعل ومن حوله داخل المكتب السياسي، ولا تقتصر تأثيرات الموقف الخاطىء الذي تبنته حماس اتجاه الأزمة السورية على العلاقة بين حماس وسوريا، وانما هناك تأثيرات خطيرة على العلاقة بين حماس وحلفاء لها وبشكل خاص حزب الله وايران.
وحسب المصادر الدبلوماسية فان الخلافات والانتقاد ليس فقط داخل الجناح السياسي لحماس، بل هناك انتقاد واسع وغير مسبوق من جانب قيادات عسكرية في كتائب القسام ضد الانفراد في القرار الذي تبناه مشعل منذ أن خرج من دمشق واستقر في الدوحة، وطريقة ادارة مسألة اختيار المكتب السياسي الجديد لحماس الذي لعبت فيه قطر دورا بارزا، ونجحت في اقصاء العديد من القيادات الحمساوية التي اعتبرتها قطر مقربة الى محور ايران وحزب الله.
وكشفت المصادر أن هناك اصوات تتعالى داخل حركة حماس وجناحها العسكري والسياسي تطالب باعادة اصلاح العلاقة بين الحركة وايران حتى لا تتحول هذه العلاقة الى قطيعة كاملة في ضوء ما يتبناه رئيس المكتب السياسي للحركة من توصيات لجهات خارجية، وحسب نفس المصادر فان من غير المعروف مدى قوة وحجم هذا التيار المنتقد لما يقوم به رئيس المكتب السياسي للحركة، لكن، التيار الذي يقوده مشعل داخل الحركة، وتتوزع عناصره بين الدول التي يحكمها الاسلام السياسي، أو تتبناه، ترى بأن ليس هناك ما يدعو الى الاتجاه الى طهران في المرحلة القادمة ، حيث من العقلانية حسب هذا التيار أن يتم التوجه صوب واشنطن وليس طهران، لأن حركة حماس هي جزء من التوجه العام في المنطقة والعالم للقبول بسيطرة الاسلام السياسي على العالم العربي، وعلى المناطق الفلسطينية ايضا، ولأن هذا المشروع تباركه الولايات المتحدة، من غير المعقول أن تقف حماس متفرجة على التطور الذي تعيشه أذرع الاخوان المسلمين سواء في تونس أو القاهرة من تشييد للجسور وفتح القنوات مع العالم العربي، وأن تتجه الحركة الى ترميم علاقتها مع ايران.
وترى المصادر أن القيادة العسكرية في حماس وبعض القيادات السياسية في الحركة تعتبر ايران حليفا مهما... في حال كانت حماس السياسية، أو على الأقل الاغلبية منها ما زالت تؤمن بأن الكفاح المسلح هو الطريق الوحيد وهو شكل العلاقة الأمثل بين الفلسطينيين والاسرائيليين، لكن، اذا كانت صيغ التسوية المؤقتة والتهدئة طويلة الامد هي التي باتت تسيطر على قاموس مفاهيم القيادة السياسية لحماس، فان هذا يعني أن الحركة تسير بخطوات متسارعة على اساس توصيات وضعت لها من حلفاء للحركة، وهم في نفس الوقت حلفاء وأصدقاء للغرب والولايات المتحدة ، وقررت الحركة كما هو ظاهر حتى الآن أن تسير عليها وتعمل على تطبيقها. كما أن العلاقة بين حماس وحزب الله لن تعود الى ما كانت عليه، ويجب هنا أن لا نتجاهل هذا التيار المتعاظم داخل حماس الذي يتمسك بعلاقته مع ايران وحزب الله، ولا يتردد في توجيه الانتقادات المؤلمة لقيادات حمساوية لبست الثوب المعتدل بألوان علم الاخوان.
وتشير المصادر الى أنه منذ نهاية عملية عمود السحاب لم تخصص ميزانيات كافية كتلك الميزانيات التي منحت للجناح العسكري في نهاية حملة الرصاص المصبوب، ففي نهاية تلك الحملة نشطت قنوات تهريب السلاح بمختلف أنواعه، وعملت على ملء مخازن السلاح في قطاع غزة بأنواع مختلفة، وكان ذلك بدعم مباشر من ايران وسوريا وحزب الله، لكن، منذ انتهاء حملة عمود السحاب تشتكي بعض الجهات داخل الجناح العسكري لحماس من مماطلة وتباطؤ في عملية الاستجابة للدعوات باستئناف ضخ السلاح لملء المخازن التي استهلك محتواها ابان الحرب.
وتقول المصادر أن حماس تستخدم حقيقة عدم ملء مخازنها بالسلاح كي تثبت للدوائر الأمريكية والغربية أنها في مرحلة تغيير نحو الاعتدال، وأن توجهها المستقبلي ليس نحو العنف، وصحيح أن مثل هذه الحقائق تساعد وتساند المستوى السياسي الراغب في التقرب الى الغرب،لكن، هذه الحقيقة تثير غضب تلك الأطراف داخل حماس التي ما زالت تؤمن بالمقاومة، وحماس اليوم تتمسك بحالة وقف النار والتهدئة مع اسرائيل من موقع الضعف ـ حسب ما ترى المصادر ذاتها ـ فبالاضافة الى رياح الاعتدال التي تهب على الحركة، هناك حصار شديد يمنع تهريب أي نوع من السلاح عبر سيناء الى قطاع غزة ، في ظل حكم الاخوان في مصر وهناك تعهد من جانب حماس رعته امريكا وتركيا وقطر ومصر بأن لا توجه الحركة سلاحها ضد اسرائيل.