والولايات المتحدة من جانبها ألقت بمفاتيح الحكم في بعض الدول العربية الى جماعة الاخوان المسلمين وترى فيها امريكي تيارا معتدلا اسمته بـ "الاسلام السياسي" لمواجهة التيارات الاسلامية المتشددة وهي عبارة عن مجموعات كثيرة لها أجندة خاصة تتعارض في مراحل معينة مع السياسة الامريكية، وفي مرات اخرى تقوم باحتضانها للقيام بمهام محددة، أما التمويل لهذه الجماعات المسماة بالسلفية والجهادية والتكفيرية فهو خليجي، لذلك هناك أجندات واختراقات في صفوف هذه الجماعات.
وجاء الفيلم المسيء للرسول محمد عليه الصلاة والسلام ليكشف حقيقة ما تخطط له الولايات المتحدة التي طلبت من الجماعة والعالم الاسلامي بحماية الامريكيين على اثر مقتل دبلوماسييها في بنغازي بليبيا، ورأى الرئيس الامريكي في احداث الفيلم شكلا من اشكال حرية التعبير، ووصف مصرع دبلوماسييه بالارهاب، في حين يرى في الجرائم المرتكبة بحق السوريين والغزو الارهابي الذي تتعرض له سوريا ديمقراطية، لكن، الذي يلفت الانتباه في التصريحات والمواقف الامريكية الاخيرة، ان واشنطن باتت تتصرف وتتعامل مع الاسلام السياسي وأنظمته بنبرة التهديد والوعيد بعيدا عن نبرة التشجيع والمديح، وحملت جماعة الاخوان مسؤولية تنامي وممارسات السلفيين والجماعات المتطرفة، بمعنى أن امريكا تدفع الاخوان الى محاصرة هؤلاء وملاحقتهم والقضاء عليهم، ليبدا الفصل الثاني من الربيع الاطلسي الذي أسماه البعض بالربيع العربي.. وبالتالي، امكانية الصدام واردة، وهذا يدركه اصحاب ما يسمى بالاسلام المعتدل، فقادته، رأوا في حادثة بنغازي استهدافا لهم، ومحاولة للوقيعة بينهم وبين الولايات المتحدة، وحتى تواصل واشنطن دعمها لحكام الاسلام المعتدل فان امامهم الجزء الثاني من الربيع، وهو الاقتتال مع الجماعات الاسلامية الاخرى، وهذا يشكل حلقة من حلقات المخطط الامريكي في المنطقة.
وتقول دوائر سياسية مطلعة لـ (المنــار) أن هناك طواقم امريكية متخصصة شكلت في الشهور الاخيرة لمتابعة الاتصال مع قادة الاسلام السياسي تحريضا وتنسيقا واغراء وتخويفا لاشعال حرب الجماعات الاسلامية في اكثر من بلد، وتضيف الدوائر أن الامريكيين ابلغوا الحكم في عزة بضرورة التصدي للجماعات المتطرفة، اذا ارادت حماس حوارا وعلاقات مع واشنطن، وهناك تخوف باستغلال الاحداث على الحدود بين غزة ومصر واسرائيل، من اشعال الفتنة في القطاع، حيث يمثل ذلك حلقة من حلقات الفصل الثاني من الربيع العربي.