واسرائيل تؤكد يوميا احتلالها للمدينة، حيث تضح اليها الآلاف من عناصر الأمن والجيش، وباتت القدس الشرقية محظورة على الاسرائيليين، والمستوطنون يتنقلون تحت حراسة الجيش، والهبات الجماهيرية في المدينة متواصلة، والاشتباك على اختلاف أشكاله يويا، ومع كل هبّة شبابية، تندلع الهبات الشعبية في الضفة الغربية وقطاع غزة تأكيدا على أن القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين.
دماء أبناء المدينة عمقت الحد الفاصل بين شرقي القدس وغربيها، وهذا الفاصل الذي تدعي اسرائيل بأنها محته، تكتشف مع كل هبّة كذب ادعاءاتها، أمام نفسها وامام العالم، فأية دولة تغلق جهات عاصمتها الأربع، وأية ادعاءات بالتوحيد، وأحياء القدس الشرقية مغلقة تحت حراب الجيش، وأية عاصمة هذه لاسرائيل، لا يدخلها الاسرائيليون الا تحت الحراسة.
ورغم تهميش المدينة، واجراءات تغيير معالمها وتهويدها، فقد هبّ شبابها حربا على الاحتلال والتهميش والاهمال مؤكدين لاسرائيل أن عاصمتهم عربية محتلة، ولا بد من كنس الاحتلال، والتأكيد أيضا على أن أهل القدس يرفضون تهميشها وتجاهلها، والتغني بها فقط، هبّة القدس يديرها أهل القدس ، ترفض الفصائلية وتسخر من محاولات الاحتواء، وهي قبل كل شيء ضد تنصيب لا يستحق هذا الشرف عليها، ولا بد لمن تعز عليه القدس أن يراجع هذه المسألة، التي تثير تذمرا متصاعدا في الشارع المقدسي.
أهل القدس سخروا من المقولات ومزاعم القيادات الاسرائيلية حول المدينة، ورفعوا موقفا ثابتا لا رجعة عنه، القدس عربية، وليست جزءا من عاصمة اسرائيل الموحدة، هذا هو الرد الحقيقي على مقولات اسرائيل، فالرد ليس بالتباكي ورفع الشعارات، والتنافس على الحرص الكاذب.
هبّة القدس ألقمت قادة اسرائيل حجارة توقف غرورهم، وتفضح أكاذيبهم، وفي نفس الوقت رسالة الى أولى الامر بانتهاج سياسة جديدة ازاء القدس، بعيدة عن كتبة التقارير الكاذبة.
أولى ثمار الهبّة الشعبية، القدس في مواجهة الاحتلال، القدس عربية، والقدس ليست شعارا للعجزة، وقبل كل شيء، القدس ليست جزءا من عاصمة اسرائيل، وليست مضمومة، هذه الهبّة كسرت قرار الضم، فهل يدرك الجميع ذلك؟!!
أنزلت قوات الاحتلال حواجزها ومكعباتها الى مدخل أحياء القدس الشرقية ترافقها التهديدات بهدم المنازل وتضييق الحصار ، وسحب الهويات من المواطنين، وطائرات الاستطلاع فوق سماء القدس على مدار الساعة، والاجتماعات الأمنية متواصلة في مقر هذا الجهاز أو ذاك، وتحذيرات للاسرائيليين بعدم الاقتراب من الاحياء العربية، ومحلات بيع السلاح فتحت أبوابها لكل الاسرائيليين لابتياع البنادق والمؤسسات، وبعد كل هذا، هل هناك قدس موحدة؟!
انها القدس التي لم تعد تنخدع بالخطابات والتصريحات و "الطلات" على شاشات التلفزة، انها القدس التي لم تعد تخيفها تهديدات جنرالات اسرائيل، والجنرالات من كل جنس، القدس اختارت طريقها، وشبابها يخوضون هبتهم بثبات وجرأة وتصميم، ووصايا الشهداء واضحة: توقفي أيتها الفصالئل عن ادعاءات التبني، والمسؤولية، فأنت "مرعوبة" من اندلاع الهبّة الشعبية، خوفا على التفاهمات، واتصالات التهدئة والهدنة، فتعليمات قيادات الفصائل واحدة، أحبطوا هذه الهبة أوقفوها وحاصروا شبابها..
القدس عرفت الطريق بعد طويل قمع وارهاب، وتهميش واهمال، والرافضون أعجز من أن يسدوا هذه الطريق، تماما كالاحتلال الذي يتسصرخ أنظمة الردة لمساعدته في قهر جيل الانتفاضة الثالثة.