2025-05-23 10:16 ص

السلطة وحماس أمام خيارات مرّة : اللحاق بجيل الشباب أم اهتزاز قواعد الحكم!!

2015-10-19
القدس/المنــار/ لدى السلطة الفلسطينية وحركة حماس أهداف سياسية مختلفة نابعة من مصالح مرسومة وموضوعة، ولكل منهما مسار مختلف عن الآخر، وأنصار وحلفاء في الاقليم والساحة الدولية، والجانبان في سباق مع الزمن للامساك بالمشهد السياسي، وكل يحاول تحجيم الآخر أو اقصائه ومن هنا، نظرا للتباين في التحالفات والأهداف والمصالح والافتقار الى النوايا الطيبة والجادة، يشكك كثيرون في رغبة الطرفين في تحقيق مصالحة ، تنهي سنوات من الانقسام والانشقاق والمعارك مختلفة الأشكال.
وجاءت هبّة القدس على أيدي الجيل الشاب لتحدث هزة في أوساط السلطة وحماس، هزّة دفعتهما الى التلاقي ولو مؤقتا على هدف احتواء الهبّة الشعبية، والحيلولة دون اتساعها وتطورها لتصل الى انتفاضة ثالثة، وهذه حقيقة مواقفهما، بعيدا عن "التناطح" بالتصريحات، و "تفريغ الشحنات" على شاشات التلفزة، الجانبان هما الآن في حيرة، وما يدور من أحداث خارج اطار قبضاتهما، رغم اجراءات معروفة تقومان بها، بحذر شديد وعن صمت، منعا "لانفلات" قد تكون بذوره موجودة.
السلطة الفلسطينية انتظرت سنوات طويلة لعل الادارة الأمريكية ومعها دول الاعتدال، وتلك الأوروبية التي تسير في الفلك الأمريكي، تجلب حلا للصراع، وامتداد المفاوضات التي تسير في الفلك الأمريكي، تجلب حلا للصراع، وامتداد المفاوضات لسنوات طويلة دون جدوى، بحيث انعدام الافق السياسي، وهي صرخت مؤخرا جراء الاخلال بالوعود وعدم الجدية من الجهات الراعية في انجاح هذه المفاوضات ووقف الانحياز الى جانب الاحتلال، فالادارة الأمريكية، تعيش آخر أيامها.. والوهابيون في الخليج أغرقوا المنطقة العربية بالارهاب والدماء، وتحولت ممالك العائلات المزروعة في الأرض العربية، تريد حلا سياسيا، لكن لا تجاوب مع هذه الرغبة، وإتجهت، للمقاومة الشعبية، لكن، هذا المسار وجد فيه الجيل الشاب غير مؤثر، وبالتالي، لا بد من تجاوزه، فكانت الهبّة الشعبية، ردا على عنف الاحتلال واعتداءاته القمعية المتصاعدة في القدس مواطنين ومقدسات، وكذلك، رسالة الى السلطة بأن الاحتلال الرافض لكل الاستحقاقات والالتزامات والمستمر في وحشيته، بحاجة الى شكل آخر من أشكال المقاومة. ويبدو أن السلطة حتى هذه اللحظة متمسكة في موقفها، ومواقفها "غامضة"، لكن، التطورات ستفرض عليها اللحاق بالركب، وان لم تقم بهذه الخطوة، فان قواعدها حينئذ ستكون عرضة للاهتزاز، وأما الخيار الثالث، فهو مدمّر، ونعني به الاقتتال الداخلي، ولا نعتقد أنها ستنجر الى هذا المربع، فأن تحل نفسها أفضل وأسلم بكثير، ووسط هذه المخاوف والحيرة والتطورات المتسارعة تتمنى وتامل أن يجد الوضع حلولا سياسية، يسميها المراقبون من حيث امكانية القدرة على التنفيذ، الحلول الاقليمية، وفي باطنها ملاحق الحل الاقتصادي.
تقول دوائر سياسية واسعة الاطلاع لـ (المنــار) أن السلطة الفلسطينية مدّت يدها لتلتقي مع حركة حماس، لعل، الجانبين يتوصلان الى طريقة لاحتواء الهبّة الشعبية حفظا لمصالحهما، رغم اختلاف أهدافهما وتربص كل منهما بالاخر، لكن، الحيرة تلف الاثنتين، حماس والسلطة، اللتين فوجئتا باندلاع هبّة القدس.
أما بالنسبة لحركة حماس، فهي عقدت أمالا كبيرة على اتصالات الهدنة طويلة الأمد بين الحركة واسرائيل بوساطة تركية قطرية، وجهات أوروبية، وسعت للوصول الى اتفاق الهدنة، غير أن تل أبيب، التي استشعرت وأدركت حاجة حماس لذلك، ماطلت في هذه الاتصالات وطرحت مطالب جديدة، وتوقف الأمر عند هذا الحد، فجاءت الهبّة لتقلب حسابات الحركة، التي كانت تنتظر زحفا نحو الضفة الغربية، للامساك بالمشهد السياسي، وربما بمساعدة من جهات في الاقليم وبمباركة اسرائيل التي يهمها الأمن في الدرجة الأولى.
حركة حماس الآن، في حيرة، تماما كالسلطة الفلسطينية، فاما أن تلحق بالهبّة الشعبية، واما أن تعمل على احتوائها، والخياران أحلاهما مرّ، وهي تدعو الله ليلا نهارا أن تنجح التحركات السياسية، في تهدئة الأوضاع، فهي معرضة لاهتزاز قواعدها، اذا وقفت على الحياد، أو شاركت في محاولات الالتفاف على هبّة الجيل الشاب، وهذا قد يفتح الباب على مصراعيه لحدوث انشقاقات، خلالها، قد تندفع أجنحة في الحركة نحو الجيل الشبابي مشاركة ودعما.
وبما أن التطورات متلاحقة ومتسارعة، فان المفاجآت واردة، ولعل أخطرها، أن تتجه حماس الى اشعال عنف داخلي، من تحته تتسلل للامساك بالمشهد السياسي، والسلطة بالتأكيد تدرك ذلك، وتتخذ الاحتياطات اللازمة.
ويمكن القول، أن السلطة وحماس في موقف حرج وصعب، وكل الاحتمالات واردة، وهنا، تلعب المصالح الشخصية دورا كبيرا في خطوات قد تتخذ من هذا الجانب أو ذاك، وأيا كان شكل هذه الخطوة، فان اسرائيل هي المستفيدة، ولكن، هذا لن يمنع الجيل الشاب من مواصلة هبته، وتطويرها، وصولا الى انتفاضة شاملة، تسقط فيها كل المحرمات.
الدوائر السياسية تضيف، أن المرحلة القادمة قد تشهد ميلاد قيادة جديدة شابة تفرض نفسها بالعمل وتاييد الشارع على الجانبين.