هذه الدوائر وضعت تقريرا وتفسيرا عاجلين، تحت عنوان أن هبّة القدس لن تستمر سوى يومين أو ثلاثة، وكأن شيئا لم يكن، ولم تكن موفقة في تقريرها، معتقدة أن أنصارها على الأرض لن يكتفوا بعدم المشاركة، بل سيحاولون بوسائل مختلفة "تنفيس" هذه الهبّة..
لكن، الأدهى والأمر من ذلك، ما ادعاه البعض في دائرة صنع القرار المتقدمة، بأن الهبّة الشعبية جاء في صالح وليّ الأمر، بمعنى أوضح، قيل أن هبّة القدس أحبطت "انقلابا" كاد أن يقع و "لولا لطف الله" و "هبّة الشباب" في القدس "لوقع المحظور".
هذا التفسير، يضيف فشلا آخر، وعطاء لهشاشة وهامشية التقديرات غير السليمة. انه تفسير خيالي بعيد عن الواقع ولا "يدخل العقول"، وتحت هذا التفسير توجه التعليمات، وترسم القرارات، وهذا يقودنا الى القول، بأن "المطبخ" من واجبه أن يعترف بالفشل، ويطرح الصدق، بعيدا عن لعبة "التخويف" لتغطية هذا الفشل وتحقيق المزيد من المكاسب الشخصية.
تقول مصادر خاصة لـ (المنــار) أن مثل هذا التعاطي لن تترتب عليه مواقف سليمة وسياسات ناجحة، فالعيش في الأوهام مدمّر، و "النقل" الكاذب خطير، وخلق أجواء التخويف والرعب، لا يفرز قرارات حكيمة وسليمة، وبالتالي، يفترض التوسع في دائرة الاستماع والتشاور، فالمرحلة التي يعيشها الفلسطينيون مصيرية ومفصلية.
وتضيف المصادر، إن أخطر ما في الأمر أن يقال، دع هؤلاء الشباب ينتفضون، الى أن تضعف قواهم، وعندها، يمكن الاحتواء والتدجين بعد الانقضاض عليهم، هذه مواقف وسياسات سطحية، تؤدي الى أودية سحيقة قاتلة.
في هذه المرحلة، الصدق والصراحة والوفاء، عوامل مطلوبة، وفي ظل التطورات المتلاحقة والمتسارعة فان الاعتراف بالفشل فضيلة، لا تغطيته بتبريرات واهية وتفسيرات غير سليمة، وطمس الحقائق، والمسارات التي يجب أن تسلك بنشر أجواء من الرعب والخوف، أما أن يقال بأن الهبّة الشعبية، أسقطت انقلابا كان يحاك، فهذا لا يندرج تحت أهمية نقل الصورة الصحيحة لصانع القرار، مع الاشارة هنا، الى أن الخلاف في الراي ليس سلاحا انقلابيا، وتهويل المواقف توريط... والحقيقة، هي أن غلق الأبواب وبناء الأسوار العالية و "تسويد الوجوه" حقدا، هي التي تهز القواعد والشواهد وتطيح بما هو قائم.