2025-05-22 06:46 م

مؤشرات مقلقة في الساحة الفلسطينية تستدعي موقفا حازما من الرئيس؟!!

2016-01-03
القدس/المنــار/ في الساحة الفلسطينية مؤشرات خطيرة ومقلقة، تستدعي تداركها وتحويلها الى ما فيه مصلحة الشعب الفلسطيني، وبعيدا عن التعرض لهبّة القدس التي باتت تحاصر الاحتلال الاسرائيلية، حتى في قلب مدنه، ودفعته الى اعلان حالة الاستنفار المكلفة والمرهقة، فان هناك ركودا سياسيا، في ساحة الحدث المتأثرة بأجواء التطورات والتحولات وبناء التحالفات في الاقليم، هذه الاجواء سلبية، والمتصارعون تحتها يمارسون منذ فترة لعبة جر الفلسطينيين الى ميادينهم النازفة دماء وارهابا وتدميرا.
هذا الركود السياسي، قاتل ومحبط وارتفاع منسوبهما يعني، أن التذمر على الأبواب، ونتائجه غير حميدة، ولا قدرة لأحد على التكهن بها.
في الساحة الفلسطينية خلل كبير، وجدرانها آخذة في التصدع، وهوة الانقسام تتسع والحفر تتعمق، واستمرار الانقسام يدفع نحو اليأس، واليأس كافر، في مثل هذا الوضع، تكون هناك ضرورة للمصارحة وقول كلمة الحق، فالشعب ليس "شياه" تساق الى الذبح جراء تعنت جهة، وتحكم أجندات خارجة مشبوهة بجهة أخرى.
هذا الوضع الصعب الذي يلف الساحة الفلسطينية ويخيم عليها، يتطلب مواقف حاسمة  وقرارات حازمة، من صناع قرار يتمتعون ببعد النظر، وسلامة القصد وعمق الانتماء، صناع قرار ينحازون الى شعبهم، فهو الحصن المنيع الآمن، في مواجهة الحاقدين والعابثين.
لا أحد ينكر أن الانقسام قد طال، والرغبات الصادقة والنوايا السليمة غير متوفرة، وحركة حماس أحد طرفي الانقسام المدمر انزلقت الى دائرة التحالفات المشبوهة الخارجية التي تسيطر عليها خزائن النفط الخليجية والوهابيون والعثمانيون الجدد، وباتت الخركة بعيدة عن هموم الساحة الفلسطينية، غير قادرة على الفكاك من حقيقة كونها فرعا من جماعة الاخوان المسلمين، التي ما تزال تحلم بنجاح الاجندات الامريكية، التي تمنحها السيطرة على العالم العربي.
ان قبائل افريقيا، تصالحت ودولا عديدة "احتربت" وتصافت واسرائيل فيها مئات الطوائف وغير معروفي النسب والهوية، لكن، الجميع متحدون في مواجهة الأمة وشعب فلسطين، حتى في الغابة هناك قوانين تحكم الحيوانات، وفيها ضوابط وخطوط حمراء، والمافيا لها دساتيرها، فلماذا لم تنجز المصالحة في الساحة الفلسطينية رغم مرور سنوات عديدة؟!
الجواب على هذا السؤال سهل ودون عناء!! فحركة حماس التي تستجدي رعاية وهابيي السعودية لجهود وساط مع حركة فتح، لا تريد مصالحة وانهاء للانقسام، وحركة تعبث مع العصابات الارهابية ضد الشعب السوري، وتخوض مع شذاذ الافاق المرتزقة في سيناء معارك ارهابية ضد مصر وجيشها، وتلهث وراء مشيخة قطر والعثمانيين الجدد في تركيا لتثبيت التهدئة مع اسرائيل الى هدنة طويلة الأمد.. هي حركة لها أطاعها الخاصة، وفي مقدمتها الامساك بدفة الحكم.
وهنا، فان القيادة الفلسطينية ممثلة برئيسها محمود عباس تتحمل مسؤولية استمرار الانقسام، في وقت تتزايد فيه التهديدات وتتصاعد التحديات، هذه القيادة، لا يمكن أن تكون بغافلة عما تخطط له حماس، أو غير مدركة لابعاد ارتباطات الحركة، وأهدافها، وسر هروبها من تحقيق مصالحة حقيقية.. القيادة الفلسطينية ان لم تكن مدركة لهذه الحقائق فان دائرة صنع القرار، تفكر في اتجاه آخر، ومنشغلة بأمور غير ذلك، وهذا اذا كان صحيحا جد خطير.
لقد طرح الرئيس محمود عباس بداية العام الجديد في لقاء له مع وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية، موقفا واضحا بخصوص المصالحة، وهو موقف يبنى عليه، ليس البناء فقط وانما التنفيذ الجدي الحقيقي، موقف عباس يتلخص في تشكيل حكومة وحدة، أو توافق، ومن ثم الذهاب الى اجراء انتخابات تشريعية رئاسية، فما هو الذي يمنع ذلك؟! وهذا الموقف طرح مرارا وفي مناسبات مختلفة؟!
ان من الحكمة الآن، أن يطرح الرئيس موعدا دقيقا ملزما، لترجمة هذا الموقف، وان لم تلتزم حركة حماس ـ نعتقد أنها لن تلتزم ـ عندها، الرئيس محمود عباس مطالب بفك قيود الارتهان للانقسام، وأن يذهب الى انتخابات تشريعية ورئاسية تجري في الضفة الغربية والقدس، وإن تعذر اجراؤها في قطاع غزة، فلتفتح مراكز الاقتراع وصناديقه في الضفة الغربية والقدس، مع الاحتفاظ بالنسبة المتفق عليها للقطاع، وهناك اجراءات اخرى يمكن اتخاذها.. واذا ما أقدمت القيادة الفلسطينية على تنفيذ ما طرحه الرئيس محمود عباس، فان من أولى النتائج الايجابية، لذلك، هو قطع الطريق على مشعلي الفتن المتربصين الساعين الى هدم المشهد السياسي الفلسطيني، ونتائج ايجابية اخرى كثيرة!!
ان عدم الحسم في هذا الأمر الحساس ، يضع القيادة الفلسطينية في موقف مشكوك فيه، كالاتهام بعدم الجدية والخضوع لاجندات خارجية، والسعي لتحقيق مصالح خاصة، وهذا ما لا نتمناه ونريده لهذه  القيادة.