بيروت/ قبل نحو أسبوعين نزل الفلسطينيون المقيمون في لبنان إلى الشارع معترضين على تقليص «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا) لتقديمات الاستشفاء. ما عادوا يقوون على السكوت وهم يعانون ما يعانونه من العيش على إيقاع أموال الدول المانحة، التي وضعتهم في المرتبة الثانية بعدما وجدت بؤس النازحين السوريين أكثر إلحاحاً من بؤسهم.
هكذا وجدت الجمعيات التي تُعنى بالشأن الفلسطيني نفسها من دون معيل بعد أن تقدّمت عليها الجمعيات المهتمة بشؤون السوريين. وهكذا أيضاً بدأت تواجه «الأونروا» المصير المجهول بعد الحديث عن «تعب المانحين»، الذي كاد أن يبقي التلاميذ الفلسطينيين من دون مدرسة قبل نحو عام، لولا تحرّك المفوّض العام بيار كارنبول على الأصعدة كافة.
ومنذ بدء الأزمة السورية لم يعلُ صوت الفلسطينيين، فَهُم أكثر من فَهِم حال جيرانهم وحال فلسطينيي سوريا الذين عانوا التهجير للمرة الثانية على الأقل. وقد حاولوا تدبير أمورهم بما تيسّر ريثما تهدأ الأحوال. لكنّ أوضاعهم الصحيّة لا يمكن أن تنتظر حلّاً إقليمياً للمنطقة، ولا يمكن أن توضع رهن المتاح من التقديمات، فنزلوا إلى الشارع لتأكيد أنهم لا يرضون المخاطرة بصحتّهم وصحة أولادهم، وفق ما تفرضه موازنة الوكالة.
وحتى الساعة تبدو التحرّكات مستمرّة، على الرغم من أن «الأونروا» تصرّ في تصريحاتها على وجود «سوء تفاهم» و»إشاعات مغرضة» يسوقها البعض. وقد أوضحت من خلال مكتبها الإعلامي أن موازنة الاستشفاء، التي هي جزء من التقديمات الطبّية، لم تنخفض بل بقيت كما هي، أي خمسة ملايين دولار أميركي مخصصة للبنان. وأن ما أجرته ليس سوى تعديلات بسيطة أضافت بموجبها 10 في المئة على الاستشفاء من الدرجة الثالثة، والتي تطال العمليات الصعبة والتي تشكّل خطراً على الحياة، فباتت تغطيتها بنسبة 60 في المئة بدلاً من خمسين. وأنها خفّضت تغطيتها للعمليات من الدرجة الثانية في «مستشفيات الهلال الأحمر» لتصبح التغطية 90 في المئة، وفي المستشفيات الحكومية لتصبح 85 في المئة على أن تغطّي 80 في المئة من كلفة العمليات في المستشفيات الخاصة. ونبّهت الوكالة أنه لا يمكن للفلسطيني اللجوء إلى المستشفيات الخاصة الا في حال تعذّرت معالجته في «الهلال» و «الحكومي»، وذلك بهدف استفادة أكبر عدد من الفلسطينيين من التقديمات الاستشفائية، خصوصاً أن دخولهم إلى المستشفيات الخاصة «يخضع لكوتا معيّنة». وذكّر المكتب الاعلامي أنه باستطاعة الفلسطيني اللجوء إلى «شبكة الأمان الاجتماعي»، لسدّ فارق التغطية في كل من المستشفيات.
في جميع الأحوال وسواء خفّضت الوكالة تقديماتها أم لم تخفّضها، فإن ما يقدّم للفلسطينيين من قبلها أو حتى من قبل الدولة اللبنانية لا يقيهم شرّ البؤس أو الخوف من المستقبل القريب.