قراءة في خطاب الرئيس عباس في قمة حكام العرب بنواكشوط
2016-07-29
القدس/المنـار/ الخطاب الذي ألقاه وزير الخارجية الفلسطيني في قمة نواكشوط نيابة عن الرئيس محمود عباس، يلفت الانتباه ويستدعي الاهتمام، فلا ارتباط له، بأية خطابات سابقة، خاصة في المحافل العربية والدولية، فهو يثير نقاط بالغة الأهمية، ويطرق أبوابا كانت موصدة، تعلوها الأتربة منذ سنوات طويلة بفعل عجز وتراجع النظام العربي الرسمي، وبالتالي، جاء الخطاب بمواقف جديدة تدق أبواب الحكام العرب، ويدخلهم في دوائر حرج جديدة، في مرحلة هم فيها، لا يملكون اتجاه الاحداث والتطورات الا الانتظار وحماية أساسات وقواعد الحكم. الرئيس الفلسطيني، دعا الجامعة العربية الى ضرورة محاكمة بريطانيا، التي أصدرت وعد بلفور الذي استند اليه اليهود رغم عدم شرعيته في اقامة دولتهم على الأرض الفلسطينية، وهذه الدعوة يصفها محللون بأنها تصعيدية ضاغطة، وكأحد البدائل لعملية سليمة تترنح، أي أن محمود عباس وضع خلفه كل الاتفاقيات والتفاهمات مع اسرائيل، وأيضا المبادرات التي تنطلق من عواصم في الاقليم والساحة الدولية، انه موقف هام جديد يطرحه الرئيس الفلسطيني، رغم ادراكه لصعوبة تحقيقه، لكنه، نسف كل المواقف السابقة، وأعاد الجهود السياسية والمطالب المطروحة الى نقطة الصفر. وتقول دوائر سياسية لـ (المنـار) أن الدعوة لمحاكمة بريطانيا، قد تليها دعوات وتحركات للعودة الى قرار التقسيم وهذا ما يأمله الرئيس عباس، اذا ما استمر الموقف الفلسطيني المتمثل بالطرح الجديد. وترى الدوائر أن الرئيس عباس طرح الموقف الجديد، والنداء الموجه الى الأنظمة العربية، بعد وصوله الى قناعة مفادها استنفاذ كل الوسائل وفشل كل المبادرات في تحريك عملية السلام واجبار اسرائيل على انهاء احتلالها عبر مبادرة سياسية عادلة تتنهي الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، واستغلال تل أبيب ما يجري في المنطقة لجر الأنظمة العربية الى تطبيع شامل مع اسرائيل على حساب الحق الفلسطيني، بمعنى آخر ما طرحه الرئيس يؤكد أن القضية الفلسطينية، دخلت ساحة المساومة وميدان التصفية بين الحكام العرب واسرائيل بعيدا عن موقف الشعب الفلسطيني. أما الموقف الثاني اللافت في خطاب الرئيس عباس في قمة نواكشوط، فهو قلقه من التحركات التي تهدف بناء ما يسمى بالأمن الاقليمي، لذلك، حذر من أن يكون ذلك على حساب الفلسطينيين، أي أن ادخال اسرائيل في دائرة الأمن الاقليمي، سيفضي الى التطبيع العربي الشامل مع اسرائيل، قبل أن ينتهي الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، يذكر أن القائمين على دعوة تحقيق الأمن الاقليمي، هم قادة محور الاعتدال العربي، ويبدو أيضا أن ما طرحه الرئيس عباس من مواقف، اضافة الى القلق والتحذير، هو رد على سياسة "اغلاق الابواب" في وجه القيادة الفلسطينية من جانب بعض الدول العربية. أما المسألة الثالثة اللافتة فهي رفضه لتدمير الساحات العربية والعدوان على شعوبها، أي الشعبين السوري والعراقي تحديدا، وهذا موقف متطور قد يخرج الى العلن قريبا، موقف يؤكد رفض الارهاب في سوريا والعراق، والرفض هذا يعني أيضا رفضه لدعم العصابات الارهابية، هذا الدعم القادم من دول بعينها كتركيا ومملكة آل سعود ومشيخة قطر.. ان الخطاب الذي القاه الرئيس محمود عباس في قمة "اللا أمل"، قد يكون من الصعب تحقيق ما جاء فيه في هذه المرحلة التي تمر بها المنطقة، لكنه، في نفس الوقت رسالة موجهة الى الجميع بأن الجهود السياسية المستمرة منذ سنوات لم تحقق شيئا، وأنه لا بد من تغيير السياسات، وطرح الخيارات الجديدة، اما للضغط والسير قدما لتغيير النهج المتبع الذي لم يحقق حتى الان تقدما.