2025-05-19 04:49 م

هل يصافح الرئيس الأسد أردوغان؟!

2016-10-01
كتب الدكتور خيام الزعبي
توقعات المراقبين السياسيين لم تأت من فراغ، وإنما إنطلقت من تغييرات هامة في توجهات السياسة الخارجية التركية، تمثلت في تطبيع العلاقات مع إسرائيل وروسيا، وهناك أقاويل تتردد هنا وهناك بأنه يوجد محاولات عديدة لإزالة الخلافات بين دمشق وأنقرة، خاصة أن تركيا لديها مشاريع خاصة بالمنطقة، وترى أنه لن يكتب لها النجاح إلا من خلال وجود توافق بين دول المنطقة الرئيسية وعلى رأسها دمشق، والدليل على ذلك غيّرت وسائل الإعلام التركية طريقة تناولها للشأن السوري، في ما وصف بأنه تمهيد لعودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وتمثل ذلك في إستعراض تاريخ التعاون بين دمشق وأنقرة، وحجم استفادة تركيا من الإستثمارات السورية. اليوم تبدو السياسة الجديدة لتركيا راغبة في تنشيط التعاون الإقتصادي مع سورية عن طريق تطبيع العلاقات السياسية، إذ صرح نائب رئيس الوزراء التركي نور الدين جانيكلي مؤخراً بأنه لا مانع من تطوير العلاقات الإقتصادية بين تركيا وسورية، وأكد ذلك بقوله " أن الأيام القادمة قد تشهد تطوراً في العلاقات الإقتصادية بين تركيا وسورية وأن هذه العلاقات ستتم على الصعيدين الرسمي والشعبي"، مشيراً إلى أن "تجارتنا الخارجية مع سورية وإيران تراجعت في الآونة الأخيرة ومن الممكن أن تشهد الأيام المقبلة تنامياً في نشاطنا الإقتصادي وخصوصاً مع سورية، فسياسة تطوير العلاقات ستتحقق مع سورية رسمياً وشعبيا"، وأشار جانيكلي إلى أن "وتيرة الإصلاح الاقتصادي بين تركيا وروسيا ستتم بشكل أسرع من المنتظر"، مؤكدا أن "تركيا ستطور علاقاتها مع روسيا في جميع المجالات بما فيها المجال المالي". لذلك لم يتردد الرئيس التركي أردوغان في الالتفاف 180 درجة سياسياً عندما دعت الحاجة الى ذلك، فارتمى في أحضان روسيا التي كان على شفير التهديد بحرب معها، ثم وطّد علاقته بإيران وعزّزها مع اسرائيل، كل هذه التحولات السياسيّة أتت في وقت دقيق وحسّاس، وذلك لتحقيق الإنتعاش الإقتصادي خاصة بعد أن أوصلت السياسة الخارجية السابقة البلاد إلى حالة من العزلة الإقليمية والدولية، مما يتناقض مع أحلام الرئيس التركي في التحول ببلاده لتصبح القوة الإقليمية الرئيسية، وكان من الحيوي بالنسبة لأردوغان الذي يواجه فشلاً في علاقاته مع الإتحاد الأوروبي وفي لعب دور حاسم في الأزمة السورية، أن يعود إلى الساحة الدبلوماسية ويكون احد أطراف التوازن، لذلك اعتبر أن استمرار خصومته مع دمشق يشكل عنصر ضغط سياسي في لعبة التوازنات الإقليمية. في إطار ذلك فإن التصريحات التركية لتطبيع العلاقات مع سورية تعني أمرين لا ثالث لهما، أولهما، فشل أجندة أردوغان للهيمنة علي المنطقة وسقوط مشروعه الذي أدى الى فوضى وإرهاب في المنطقة، ثانيهما، أن تأجيج تركيا والقوى الخارجية الأخري النيران, أدى إلى تطور الأزمة السورية لتتحول إلي حرب بالوكالة, ونتج عنها سلسلة من الآثار الجانبية، منها إنتشار الارهاب والتطرف, و زيادة عدد اللاجئين السوريين الى المناطق المجاورة. في سياق متصل اكتسب الجيش السوري قوة دفع كبيرة في ميدان المعركة، وتحشد المجموعات المسلحة والقوى المتطرفة كل قوتها بشكل جدي من أجل إيقافه، ومع ذلك سيتمكن الجيش حتماً من محاصرة مدينة حلب، وقد يكون إعادة الإستيلاء على هذه المدينة كافياً لتشجيع العديد من مقاتلي المجموعات المسلحة والقوى المتطرفة على وقف القتال والتخلي عن الحرب ضد الرئيس الأسد، وهناك تقدم كبير حققه الجيش السوري وحلفاؤه بعد سيطرتهم على مخيم حندرات في مدينة حلب، حيث أحكمو سيطرتهم على مستشفى الكندي المجاور لمخيم حندرات وعززوا قواتهم ويواصلون التقدم، موقعين قتلى وجرحى بصفوف التكفيريين، ليقتربوا أكثر من المدينة، والمؤكد أن الإنتصار فى معركة حلب التى تعتبر مقر للتنظيمات المتطرفة, سيشكل البداية الحقيقية لطردهم من محافظة حلب والمنطقة بأكملها, وهو الهدف الاستراتيجى للجيش السوري والذي يواصل استعداداته اللوجستية والتكتيكية لإنهاء هذه التنظيمات ومن ورائها، والمضي قدماً لاستكمال تحرير المدينة, مستفيداً من الإسناد الذى يقدمه الطيران الروسي والدعم الإيراني. مجملاً.....لا حل للأزمة السورية إلا بالمفاوضات مع الحكومة السورية ومنع التدخل التركي والغربي في الشؤون الداخلية السورية والقضاء علي المنظمات الإرهابية والقوى المتطرفة التي تنطلق من تركيا، لذلك فإن معركتنا مع الإرهاب طويلة وسورية إختارت المواجهة وستتغلب عليه بكافة الوسائل الممكنة، وكل هذه المعطيات تشير الى صمود النظام السوري وحسمه المعارك الميدانية والدبلوماسية والسياسية، لذلك كان من الطبيعي أن تفشل تركيا وحلفاؤها في سورية، و لعلها قد اكتشفت مؤخرا أن صعود الشجرة السورية ليس سهلا وأن المشكلة ليست في إعلان بداية الحرب وإنما في كيفية إنهائها مجملاً.....لا يمكن لأحد في العالم أن ينكر الدور الرئيسي الذي لعبته تركيا سياسياً وعسكرياً وإستخباراتياً بالحرب على سورية ومشاركتها الرئيسية بتدمير سورية، لكن برغم ذلك فشلت أنقرة في تحقيق أحلامها بالمنطقة، الأمر الذي تسبب في الإضرار بمصالح تركيا كونها إتبعت سياسة خارجية خاطئة، فضلًاً عن زيادة نفوذ حلفاء سورية في المنطقة ووقوفهما ضد أهداف تركيا، التي لم تتمكن من إيجاد موطئ قدم لها في المفاوضات الجارية المتعلقة بتسوية الأزمة السورية، بإختصار شديد يمكنني القول، بأنه لن تتمكن أي قوى خارجية ومنها تركيا من فرض إرادتها على الشعب السوري، وها هي تواجه الهزيمة تلو الهزيمة في كل مواقع الصراع، إلى أن يتم تحرير سورية من كل الخارجين على القانون من متطرفين وإرهابيين، وبالتالي فإن المنطقة مقبلة على تحولات وأزمات خطيرة، ، وفي تقديري فإنه قبل نهاية هذا العام سنشهد تدويراً للكثير من الزوايا في مجمل العلاقات الدولية، والأيام المقبلة وحدها ستجيب عن ذلك.
Khaym1979@yahoo.com