2025-05-18 09:33 م

اللاعب الأكبر في الشرق الأوسط

2016-12-19
نبيه البرجي
لنضع لقب القيصر جانباً، ولطالما كان قدر القياصرة درامياً بشكل او بآخر. الآن هو المايسترو الذي يضبط الايقاع الفوضوي (وربما الايقاع النووي) لدونالد ترامب الذي كما لو انه احد آلهة النار لدى الاغريق...
اللاعب الاكبر في سوريا هو اللاعب الاكبر في الشرق الاوسط. الامبراطورية الاميركية عاشت الازمنة البنيوية الكبرى في عام 2008، حتى ان نجم وول ستريت الشهير جورج سوروس، وهو اليهودي استشعر الهلع من ان يصيب نيويورك ما اصاب ارم ذات العماد...
قبل ان تنفجر الازمة المالية التي زعزعت المصارف الاميركية، وهي الاعمدة المقدسة للامبراطورية، كتب جوزف ستيغليتز، الحائز نوبل في الاقتصاد، محذراً من الغروب الاميركي وبعدما تبين ان حربي افغانستان والعراق كلفتا الخرينة الاميركية ثلاثة تريليونات دولار. بدا وكأن باراك اوباما جاء ليزيل كل اثر لجورج دبليو بوش...
بطبيعة الحال، هناك من يعتقد ان الحرب العالمية الاولى كما الحرب العالمية الثانية، كانتا بمثابة البيغ بانغ الذي توج الولايات المتحدة ملكة على العالم. الهة العالم، هكذا وصفها، وبكل فظاظة، وبكل فظاعة، السناتور جو ماكارثي...
لكن زبغنيو برجينسكي قال ان هذا كان قبل هيروشيما. بعد القنبلة الذرية عالم آخر وفلسفة اخرى، حتى ان  رونالد ريغان الذي كان يعد لحرب عالمية ثالثة من خلال «حرب النجوم» تراجع الى«حرائق الغابات»، اي الحروب الصغيرة والمبرمجة لاغراض تكتيكية او استراتيجية...
اوباما صاحب نظرية اخرى، القيادة من الخلف. عبثا حاول اقناع العرب بانه آت من عذابات الادغال في كينيا لا من اسواق هامبورغ او سجون ليفربول، اي انه بعيد عن ثقافة الكاوبوي الذي يرى حتى السيد المسيح من فوهة بندقيته...
هذا لا يعني، في اي حال، ان اميركا كانت بعيدة عن مطحنة الجثث في سوريا، قاتلت ايران في دمشق وفاوضتها في فيينا، ريتشارد هاس تحدث حيناً عن الديبلوماسية الراقصة وحيناً عن الديبلوماسية السريالية، لكن الهدف كان واضحاً. سقوط سوريا يعني سقوط الشرق الاوسط بكامله في السلة الاميركية. استطراداً في السلة الاسرائيلية...
قطعاً لم يفهم رجب طيب اردوغان كيف تفكر اميركا، مثلما منعت ايران من صناعة القنبلة النووية منعت تركيا من استعادة السلطنة او اجزاء منها. ثمة خطوط حمراء جداً. اردوغان استدعى الدرع الصاروخية الى بلاده علها تشكل مظلة لطموحاته الاستراتيجية. الاميركيون خذلوه من اللحظة الاولى...
هو يدرك تماما ان وكالة الاستخبارات المركزية كانت على دراية بكل تفاصيل المحاولة الانقلابية ضده، وان حصان السلطان ليس اكثر من حصان خشبي. اليس مذهلاً ان يرتد باتجاه موسكو وينسق معها، ثم يدير ظهره لبروكسل ويتجه الى شنغهاي؟
سذج اولئك الذين يقولون ان روسيا هي التي انتصرت. الصراع كان بين محورين لا بين رجلين، ولا بين دولتين. فلاديمير بوتين هو الاقوى الآن. لاحظتم باي طريقة قبيحة يتعاطى دونالد تر امب مع المملكة العربية السعودية (ادفعوا...)، حتى ان تيريزا ماي ظهرت وكأنها نجمة القمة الخليجية في المنامة. غريب الرهان على امبراطورية غابت عنها الشمس، وغاب عنها التاريخ، منذ حرب السويس.
منذ البداية، قال الرئيس الروسي ان قواعد النظام العالمي الجديد تنبثق من سوريا. حلب كانت المسرح الاخير، وبما تعنيه الكلمة. ماذا يعني ان يخرج آلاف المقاتلين من المدينة بحماية الطائرات الروسية التي كانت، قبل ساعات، تزلزل الارض تحتهم؟.
رجاء من عرب البكاء ان يضعوا مناديلهم، وانوفهم، جانباً، ما حدث في حلب ينبغي ان يفهم جيداً، ثمة قواعد للنظام الدولي، وللنظام الاقليمي في الطريق اليكم... والينا!
المصدر: الديار اللبنانية