2024-11-30 02:49 م

الجرح النازف في خاصرة الاقتصاد السوري

2019-02-15
مشاهد موجعة لا ينساها أي سوري وهو يرى منشآت بلده الصناعية مفككة ومحمولة على شاحنات في طريقها إلى تركيا.

تعرض قطاع الإنتاج بمختلف أنواعه في سوريا خلال سنوات الحرب في البلاد، إلى حملة ممنهجة من التخريب طالت بشكل أساسي بنيته التحتية عبر السرقة والنهب أو التدمير على يد جماعات ظهرت بشكل مفاجئ لم تكن بالحسبان.


وتعتبر مدينة حلب في الشمال السوري، وهي عاصمة الصناعة السورية، أولى المدن السورية التي تعرضت منشآتها الصناعية الضخمة إلى عمليات مدبرة للتخريب والسرقة بعد أن قامت جماعات محترفة بتفكيك أكبر الآلات الإلكترونية والمعقدة الباهظة الثمن ونقلها إلى الأراضي التركية تحت مرأى ومسمع الدولة التركية.

وحينها علت التصريحات والنداءات السورية المطالبة بوقف هذا النهب الممنهج وطالب اتحاد غرف الصناعة السوري الحكومة السورية بتوجيه رسائل إلى الأمم المتحدة تشكو فيها تركيا سماحها ومشاركتها في تفكيك البنية الصناعية السورية في حلب.

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي ومختلف وسائل الإعلام عشرات الصور والفيديوهات التي تظهر شاحنات ومختلف أنواع الآليات وهي تقوم بشحن مصانع بأكملها إلى تركيا بمساعدة الجماعات الإرهابية المتطرفة التي كان شغلها الشاغل تدمير وتخريب سوريا.

اعترافات رجال أعمال أتراك

أكد رجال أعمال أتراك في جنوب شرقي تركيا أن أعضاء المجموعات الإرهابية يفككون أجهزة ومعدات المعامل التي توقفت عن العمل في سوريا ويهربونها إلى تركيا.

وجاء ذلك بعد أن أشهر عديدة على توجيه وزارة الخارجية السورية رسالتين إلى رئيس مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة قالت فيهما "إن نحو ألف معمل في مدينة حلب تعرض للسرقة والنقل إلى تركيا بمعرفة تامة وتسهيل من الحكومة التركية وهو عمل غير مشروع يرقى إلى أفعال القرصنة ومرتبة عمل عدواني يستهدف السوريين في مصادر رزقهم وحياتهم الاقتصادية".


وكان للصناعيين في هذا الصدد تحركات عديدة أهمها ما قام به رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية، فارس الشهابي، عندما وجه كتابا إلى الخارجية السورية تحدث فيه عن قيام المجموعات الإرهابية بسرقة الآلات والتجهيزات والعديد من الآليات كالسيارات والحفارات والروافع وكذلك المواد الأولية من حلب، ونقلها إلى تركيا عبر البوابات الحدودية المعروفة التي تسيطر عليها العصابات الإرهابية.
وعلى مدار سنين الأزمة استمر تفكيك ونقل المعامل تباعا إلى تركيا حتى وصل عددها مع الورشات المنهوبة أيضا إلى أعداد لا تحصى بشكل دقيق.

تنديد برلماني

وكان للبرلمان السوري في ذلك الوقت حديث آخر، كشف فيه عن النوايا والأطماع في سوريا، عندما أكد عضو البرلمان السوري، أنس الشامي، لوكالة "سبوتنيك" أن "النظام التركي الأرودغاني منذ اللحظات الأولى، له حلم يطمع به منذ أمد بعيد، نحن ندرك تماما إدراك العمق الجغرافي الاستراتيجي لتركيا بمحافظة حلب السورية الشمالية، وهي خط الحرير، وهي أقدم مدينة مأهولة في التاريخ، بلد الصناعة والتجارة الهامة والمعروفة جدا. فقد عمل أردوغان ونظامه الحاقد منذ اللحظات الأولى على دمار حلب وسرقة خيراتها، حيث أننا ندرك أن مصانع حلب قد غطت بشكل كبير على ما يوجد في شمال شرقي تركيا، وبالتالي هم يحلمون اليوم أن يسيطروا على تلك المناطق وعلى خيراتها، وقد سرقت معامل حلب بواسطة العثمانيين".

كما حرك حقوقيون وصناعيون سوريون دعاوى قضائية لملاحقة الرئيس التركي، الذي كان رئيس وزراء البلاد آنذاك، لاستعادة حقوق وأملاك كل من تضرر من هذا النهب المدروس.

وبعد سنوات على خسائر الصناعة السورية، تبقى دون علاج أو استرداد للحقوق المنهوبة، وبمثابة الجرح النازف في خاصرة الاقتصاد السوري، نتيجة توقف الإنتاج إضافة إلى الخسائر المتراكمة جراء ذلك.

وتتزاحم التصريحات والاحتجاجات الرسمية والشعبية على ما فعلته العصابات الإرهابية المسلحة بالمنشآت الصناعية السورية حتى تمكن الجيش السوري من تحرير معظم المناطق التي تتركز فيها المدن الصناعية.
واليوم تعمل الحكومة السورية واتحاد الصناعة على النهوض بالقطاع الصناعي مجددا وهي مهمة مليئة بالصعوبات والعقبات وخاصة منها العقوبات الاقتصادية الجائرة على البلاد.