تتواصل "المواجهات البرية" على الحدود اللبنانية الجنوبية مع فلسطين المحتلة، حيث يتعرّض جيش الاحتلال الإسرائيلي لضرباتٍ موجِعة من حزب الله أعادت له قوّة الميدان بعد خسائر كثيرة مُني بها في الأيام الماضية، كان أكثرها إيلاماً اغتيال أمينه العام حسن نصر الله. وأعلن حزب الله، اليوم الخميس، عن عدّة عمليات ضد مواقع وتجمّعات جيش الاحتلال الإسرائيلي، أبرزها تصدّيه لمحاولة تقدّم لقوات الاحتلال براً عند بوابة فاطمة بقذائف المدفعية، في مشهدية أعادت الأنظار إلى ما كانت تُعرَف بواجهة التحرير عام 2000 ورمز المقاومة.
وكان آخر جندي في جيش الاحتلال الإسرائيلي اندحر من بوابة فاطمة التي تقع عند الحدود بين قرية كفركلا اللبنانية ومستوطنة المطلة الإسرائيلية شمالي فلسطين المحتلة، في عام 2000، بعد احتلال استمرّ أكثر من عشرين عاماً.
وتتعدّد الروايات حول أسباب إطلاق اسم فاطمة على البوابة، إذ يروي محمد ناصر الدين، الشاعر والمترجم اللبناني، لـ"العربي الجديد"، أن "بوابة فاطمة هي معبر حدودي بين لبنان وفلسطين المحتلة قائمة ببلدة اسمها كفركلا، وهي واحدة من القرى الموجودة على الشريط الذي نسمّيه الشريط المحتل، وكانت إحدى بوابات الحزام الأمني".
ويضيف "تاريخ بوابة فاطمة ليس قديماً، نحن لا نتحدث عن تاريخ عمره مائة عام أو منذ أيام الانتداب، بل في فترة السبعينيات حين كانت تحصل مناوشات على الحدود، وهناك ثلاث روايات حول سبب إطلاق اسم فاطمة على البوابة، الأولى أن فاطمة هي امرأة عبرت إلى فلسطين المحتلة في السبعينيات، وذلك بهدف وضع مولودها قبل أن تعود إلى كفركلا، واعتبرت هذه المرأة هي الأولى التي تعبر إلى فلسطين المحتلة".
الرواية الثانية، يكمل ناصر الدين، هي أنّ هناك امرأة من كفركلا عبرت الحدود لتعمل في فلسطين المحتلة وأيضاً في الفترة نفسها، ما كان يعني بداية تعامل وتطبيع مع إسرائيل التي كانت تحاول تثبيت سياسة اسمها الجدار الطيب لجذب سكان جنوب لبنان وإقناعهم بأنهم ليسوا أعداء لها، وتحرّضهم على الفدائيين الفلسطينيين لعدم استقبالهم وتخبئتهم في منازلهم، واعدة إياهم باستقبالهم وخصوصاً النساء للولادة، وحتى العمل، وهذه الرواية هناك الكثير من الشكوك حول مصداقيتها.
أما الرواية الثالثة، وهي الأقرب للصواب وفق تعبير ناصر الدين، فهي ترتبط بفتاة اسمها فاطمة محبوبة، وهي من العائلات العريقة في كفركلا، "وكانت فاطمة وأمها وشقيقاتها على الحدود يزرعون الحقلة، عندما وصلت مجموعة من الفدائيين الفلسطينيين وحصل اشتباك، قام العدو الإسرائيلي بإنذار النساء ليرفعن أيديهنّ أو الاستسلام، فأطلق النار باتجاههنّ وأصاب والدة فاطمة بيدها وبطنها، عندها انسحبت المجموعة الفلسطينية الفدائية، وأتى جيش الاحتلال ورأى أن النساء عزّل وبلا سلاح، فسألهنّ لماذا لم يغادرن، فقلن إنهنّ لم يفهمن عليهم، وكالعادة ضمن سياسة إطلاق النار ثم التظاهر بأنه يطبّب الجرحى، قرر أخذ والدة فاطمة لمعالجتها، عندها تردّدت فاطمة، وقالت إنها ستصرخ لوالدها وأخاها لتسألهما عن الأمر، فكانت تعبر الشريط ذهاباً وإياباً نحو البوابة ساعة لتنادي على والدها وساعة أخرى تعود لأمها، فسميت عندها بوابة فاطمة، ونحن نعتقد أنها لا تزال على قيد الحياة، واقتربت من الثمانينيات من عمرها، ولا نعرف الآن إلى أين تهجرت في ظلّ القصف".
ويلفت ناصر الدين إلى أن بوابة فاطمة أصبحت بعد تحرير الجنوب عام 2000 نوعاً من سياحة التحرير، إذ "يصل الناس من عرب ولبنانيين وجنوبيين عبر الحافلات في مجموعات إلى البوابة، حيث تبعد فلسطين أمتارا منها، ومن هنا يمكن تنسّم رائحتها".
يتوقف ناصر الدين في حديثه عند قصة شهيرة جرت عند البوابة حين "قام المثقف الفلسطيني الشهير إدوار سعيد عام 2000 برمي الحجارة عبر شريط بوابة فاطمة، وكتب لاحقاً عن ذلك"، لتتكرس فكرة رمي الحجارة على البوابة من قبل الزائرين، ويؤكد ناصر الدين أن "المقاومة هشّمت صورة الاحتلال أسطورةً بالقتال والسلاح والنضال، وأصبحت البوابة واحدة من معالم النضال ضدّ العدو".
ويشير ناصر الدين إلى أن العدو حاول أكثر من مرة التسلل منذ التحرير عام 2000، وضمنها عام 2006، واليوم يحاول ذلك، لكن "رغم الدعم من الغرب المستكبر والإمبريالي، فإن من الصعب جداً أن يقفوا أمام المقاومة على أرضهم، حيث إن حروب العصابات مختلفة، وهذا فخ الناس تنتظره، ليقع العدو فيه".
المصدر: العربي الجديد