منذ عودة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو من واشنطن، قبل يومين، ازداد الحديث عن ضغوط أميركية على تل أبيب، للتوجه إلى صفقة عاجلة في قطاع غزة، تمهّد الطريق لزيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المنطقة، حيث يُتوقّع أن يعلن من السعودية، بشكل خاص، انطلاق مرحلة جديدة من «الاستقرار» في الشرق الأوسط، تحت عنوان التطبيع بين إسرائيل والسعودية.
وأمس، أعلن ترامب «الاقتراب من استعادة الرهائن في غزة»، موضحاً أن واشنطن «على تواصل مع إسرائيل وحماس»، التي وصفها بأنها «تنظيم مثير للاشمئزاز». وفي السياق نفسه، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مسؤولين أميركيين تأكيدهم لعائلات المحتجزين أن قضية الأسرى «حظيت باهتمام كبير جداً» خلال الاجتماع الأخير بين ترامب ونتنياهو.
وأشار هؤلاء المسؤولون إلى أن الولايات المتحدة «تضغط من أجل صفقة شاملة تؤدي إلى استعادة جميع الرهائن، كجزء من تحرّك أوسع في الشرق الأوسط يشمل إنهاء الحرب في غزة، ومن ثمّ التقدّم في مسار التطبيع مع السعودية». وأوضحت الصحيفة أن المفاوضات الجارية مع إيران بشأن الملف النووي «ليست منفصلة عن هذا التحرّك، بل تشكّل أحد أركانه الأساسية ضمن خطة شاملة».
وبحسب المسؤولين الأميركيين، فإن الإدارة «لا تكتفي بإخراج دفعات من الأسرى، بل تسعى إلى مبادرة واسعة تشمل جميع الأسرى»، وإن ترامب يمنح نتنياهو مزيداً من الوقت لمواصلة العمليات العسكرية في غزة، «لكن ليس لفترة طويلة، بل ربما لأسبوعين أو ثلاثة على الأكثر»، على حدّ تعبيرهم. وفي تطور لافت، كشفت الصحيفة نفسها أن مبعوث الرئيس الأميركي، ستيف ويتكوف، أبلغ عدداً من عائلات الأسرى الذين التقاهم أخيراً في واشنطن أن «مفاوضات جدية تجري حالياً، وصفقة تُطبخ على الطاولة، والأمر مسألة أيام فقط».
من جهتها، رأت صحيفة «هآرتس» أن ترامب «يسعى إلى تمهيد الأرض لزيارة مُرتقبة إلى السعودية، ويرغب في إرساء تهدئة دائمة في غزة أو على الأقل التوصل إلى وقف إطلاق نار مؤقت»، في إطار محاولة لتفادي الإحراج الذي قد تسبّبه مواصلة الحرب لمخططاته في المنطقة. وأشارت الصحيفة إلى أن «ترامب لا يريد أن تُفشل الحرب في غزة مساعيه للتوصّل إلى اتفاقيات مع السعودية، في وقت تتعرّض فيه الأخيرة لانتقادات حادّة على خلفية احتمال توقيعها اتفاقات في ظل استمرار الدعم الأميركي للحرب على غزة».
وفي السياق ذاته، نقلت «القناة 13» العبرية عن وزراء في الحكومة الإسرائيلية قولهم إن نتنياهو والوزير المقرّب منه، رون ديرمر، أبلغا المجلس الوزاري المصغّر «الكابينت»، في اجتماع عُقد أول أمس، عقب عودة نتنياهو من واشنطن، أن «هناك مقترحاً جديداً تصوغه الولايات المتحدة ومصر». ورأى نتنياهو وديرمر أنه «مقترح جيّد يلبّي المطالب الإسرائيلية، سواء من حيث عدد الأسرى الأحياء الذين سيتم الإفراج عنهم، أو من حيث المقابل الذي يشمل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين». ونقل وزير حضر الجلسة عن ديرمر، للقناة، قوله إن الحديث يدور عن صفقة تشمل «الإفراج عن أكثر من خمسة أسرى أحياء».
وبحسب القناة نفسها، فإن «المقترح المصري يتضمن الإفراج عن 8 أو 9 مختطفين أحياء من ضمنهم الأميركي عيدان ألكسندر بالإضافة إلى تسليم جثث 8 آخرين». كما يتضمّن المقترح المصري «وقف إطلاق النار لمدة 70 يوماً تُستأنف خلالها مفاوضات المرحلة الثانية وفتح المعابر ودخول المساعدات والوقود إلى غزة».
وفي ما يتعلّق بتفاصيل الجلسة، أشارت القناة العبرية إلى أن الاجتماع عُقد من دون مشاركة قادة الأجهزة الأمنية، وتولّى نتنياهو، وديرمر الذي يدير المفاوضات باسم نتنياهو، تقديم ملخّص عن التطورات في ملف الأسرى. ولفتت القناة إلى أن المقترح المتداوَل «لم يُعرض بعد على حركة حماس بشكل رسمي، ولم يصدر عنها أي موقف». وتابعت: «كما تعلّمنا خلال السنة ونصف السنة الماضييْن، حتى تقول حماس نعم، من الأفضل تأجيل التفاؤل». وأشارت القناة إلى أن ملف الأسرى «لم يكن في مركز المحادثات التي أجراها نتنياهو في واشنطن»، حيث طغى الملف الإيراني على أجندة اللقاءات، بحسب مصدر رفيع في الوفد الإسرائيلي.
من جهة أخرى، كشفت تسريبات من اجتماع «الكابينت» الذي عُقد، أول أمس، أن كلاً من الوزير بتسلئيل سموتريتش والوزيرة أوريت ستروك، طالبا بتكثيف الضغط العسكري على حركة «حماس»، فيما أيّد نتنياهو هذا الطرح قائلاً: «بالتأكيد يجب زيادة الضغط أكثر». واعتبر ديرمر أن «الضغط العسكري يؤدي إلى تحرّكات من جانب حماس». أما سموتريتش وستروك، فأصرّا على المطالبة بالإفراج عن جميع الأسرى دفعة واحدة، محذّريْن من «الاستمرار في نهج الإفراج على مراحل»، ودعوَا إلى «بدء مناورة كبرى» في حال تعثّرت الصفقة. من جهتها، رأت الوزيرة ميري ريغيف أن «الضغط العسكري الحالي غير كافٍ، وإذا كان يحقق نتائج، فيجب تكثيفه أكثر».
عن الاخبار اللبنانية