2025-04-08 12:52 ص

فلسطينيو سوريا في دائرة الخطر: «الأونروا» تنفض يدها

2025-04-07

دمشق | يسود قلق كبير حول مصير اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى «وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا) في سوريا. ويأتي هذا وسط استمرار التحذيرات من أن العام الجاري سيكون أكثر صعوبة على هؤلاء، في ظلّ الخفض الهائل في المساعدات المخصّصة لهم، ولا سيّما من قِبل «الأونروا» التي تواجه تحديات مالية وضغوطاً سياسية متزايدة - في محاولة لإنهاء دورها -، وتكاثر التحديات أمام عملية إعادة الإعمار والاستقرار في البلاد. وقبل الأزمة في عام 2011، كان هنالك ما يقرب من 560 ألف لاجئ من فلسطين مسجلين لدى «الأونروا» في سوريا، فيما يُقدّر عدد الذين لا يزالون هناك، اليوم، بنحو 438 ألفاً، 40 في المئة منهم نازحون داخلياً، ويقطنون تسعة مخيمات رسمية وثلاثة غير رسمية.

وتقول مديرة الإعلام والتواصل في «الأونروا»، جولييت توما، إن «الوكالة تعمل على تقديم خدماتها الأساسية في مجالات التعليم، والصحة، والمساعدات الإنسانية، رغم أن نهاية عام 2024 جاءت بعجز مالي كبير، ما أدى إلى خفض التمويل المخصص لبرامجها في سوريا إلى 16.72% فقط من المطلوب»، مستدركة بأن هذا الإجراء «جاء بعدما أقرت الحكومة الإسرائيلية تشريعاً جديداً يهدف إلى إنهاء عمليات الوكالة في الأراضي الفلسطينية المحتلة اعتباراً من كانون الثاني 2025، ما سيزيد من الضغوط المالية على الوكالة». وفي وقت ينعكس فيه الوضع الاقتصادي الصعب على اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، يضطرّ هؤلاء إلى «التكيف مع التضخم وارتفاع أسعار السلع الأساسية، ما يؤدي إلى اتباع إستراتيجيات سلبية، مثل زواج القاصرات وعمالة الأطفال في المخيمات».

وفي محاولة لـ«إنقاذ ما يمكن إنقاذه»، تشير توما إلى أن «الأونروا» في سوريا تنتظر الحصول على التمويل، لتنفيذ خطط عام 2025، والتي تتضمّن تقديم معونة نقدية متعددة الأغراض لما مجموعه 426 ألف لاجئ، بالإضافة إلى خدمات الصحة الطارئة والتعليم في حالات الطوارئ، والمياه والصرف الصحي والتدريب التقني والمهني للشباب، ما قد يسهم في تحسين فرص العمل للمتخرجين، وكذلك إعادة تأهيل منشآت الوكالة التي تعرضت للتدمير والخراب إبان الحرب، لا سيما في مخيمات اليرموك وعين التل في حلب وخان الشيح في ريف دمشق.

وفيما تتفاقم مأساة المخيمات في سوريا، مع عودة مزيد من اللاجئين الفلسطينيين من إدلب، ودول الجوار من مثل لبنان و الأردن، وعدد من دول العالم، تلفت توما إلى أن «الوكالة أعلنت عن جهود إضافية لدعم اللاجئين العائدين من إدلب، والذين يحتاجون إلى مساعدات نقدية وغذائية عاجلة. كما تمكنت من تقديم دعم طارئ للاجئين الذين نزحوا حديثاً من لبنان». غير أن تحسين أوضاعهم «يعتمد بشكل كبير على استمرار دعم المجتمع الدولي»، وفقاً لتوما التي تعرب عن أملها في أن «تحمل الأيام القادمة السلام والهدوء للاجئين في سوريا».

وإذ يرى البعض أن الإجراءات التي اتّخذتها «الأونروا» تأتي في إطار «محاربة الفساد»، وخصوصاً بعد الاحتجاجات التي عمّت المخيمات أخيراً، فإن آخرين يخشون من أن يكون ذلك مقدّمة لإغلاق الوكالة بشكل دائم في سوريا. وفي هذا الإطار، توضح الفلسطينية ولاء أن «من أكثر الصعوبات التي تواجه الفلسطينيين، أن معظم الجمعيات الخيرية المرخّصة في سوريا كانت مرتبطة بوزارتَي الشؤون الاجتماعية والعمل سابقاً، ممّا منع تسجيل اللاجئين الفلسطينيين على لوائح تلك الجمعيات»، بحجّة أن «الأونروا» مكلفة بدعمهم. وخلق هذا الوضع معاناةً مضاعفة للاجئين، خصوصاً أن «الأونروا» أقرّت أن تسعين في المئة من هؤلاء «يعيشون تحت خط الفقر»، في وقت باتوا فيه لا يتلقّون الدعم الكافي من قبلها.

وتشير الصحافية و. م. أن، بدورها، إلى أن «الأونروا» كانت تشكّل فعلياً «شريان الحياة الوحيد» لـ400 ألف لاجئ فلسطيني في سوريا، ولكنّها تلفت، في الوقت نفسه، إلى أن «هذه الوكالة تمر بمرحلة صعبة؛ وفوق العجز المالي، فهي تتّخذ إجراءات مثيرة للقلق، بينها إلغاء بعض العقود وعدم تثبيت المعلمين وتقليص الخدمات الطبية وإيقاف الدعم المالي والعيني للكثير من عائلات اللاجئين الفلسطينيين».

ويتقاطع رأي الممرضة و. ف. مع ما تقدّم؛ إذ تتّهم الوكالة بـ«التراجع في أداء دورها»، معتبرة، في حديثها إلى «الأخبار»، أن «تقصير الأونروا في تقديم الخدمات غير مقبول أبداً مهما كانت الظروف». وتلفت إلى أن «معظم العائلات الفلسطينية أصبحت تحت خط الفقر، وبحاجة ماسّة إلى المساعدات المالية والغذائية والصحية والتعليمية، وتأمين فرص عمل للشباب والشابات من خريجي الجامعات والمعاهد، وتحسين الخدمات في المخيمات من حيث الكهرباء والماء وإنارة الشوارع والصرف الصحي والنظافة وإنشاء حدائق للأطفال من أجل اللعب»، مؤكّدة أن مسؤولية المخيمات الفلسطينية «تقع على عاتق الأونروا؛ إذ لا تقدم الدولة أياً من الخدمات المشار إليها للفلسطينيين».

وفي الاتجاه نفسه، يشير الفلسطيني العامل ر. خ، في حديثه إلى «الأخبار»، إلى أن «هناك تقصيراً واضحاً من قبل الوكالة في سوريا، ولا سيما في ظل الأوضاع الحالية»، معتبراً أن «هناك أعذاراً واهية تقدمها الأونروا لإسكات الضعفاء والمقهورين بحجة نقص الموارد والدعم». ويضيف: «للأسف، الموظفون العاملون في مراكز الأونروا لم يتأثروا بهذة الأزمة المفبركة. ولو تم اقتطاع مئة دولار من كل موظف لساعدَ عائلة تبحث عن تدفئة وإطعام أولادها»، متابعاً أن «المخصصات التي يجب أن تقدّمها الوكالة، يجب أن تكون شهرية مع مواد غذائية لتأمين حياة كريمة لكل لاجئ فلسطيني».

باختصار، يتمثل جوهر القضية، برأي المدرس س. ع.، بأن «جميع المعنيين تخلّوا عن حق العودة، ولا يقدمون إلا النزر اليسير من الخدمات، والتي لا تسمن ولا تغني من جوع، وعلى رأس هذه الجهات "منظمة التحرير الفلسطينية" والسلطة الفلسطينية ووكالة "الأونروا" ومنظمات حقوق الإنسان، وسوريا أيضاً». ويقول: «نحن اللاجئون الفلسطينيون أصبحنا على الهامش. لا صوت لنا ولا ظهير، وخصوصاً بعد ما تركته الحرب السورية من تداعيات خطيرة علينا، حيث قُتل واعتُقل وفُقد وهاجر عشرات آلاف الفلسطينيين»، مضيفاً أن «مَن بقي في سوريا بات مصيره مجهولاً في ظل الأوضاع المعقّدة، وما يمكن أن يحمله المستقبل من مخاطر كبيرة عليهم». ويختم حديثه بالقول: «الجميع يتآمرون علينا كلاجئين بهدف إنهاء قضيتنا العادلة وحقنا في العودة إلى بلادنا فلسطين».
المصدر: الاخبار اللبنانية